[٤٧ \ ٢٩] إِلَى قَوْلِهِ: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [٤٧ \ ٣٠] ، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ شِدَّةَ خَوْفِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ [٦٣ \ ٤] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مَا وَجَدُوا شَيْئًا يَنْقِمُونَهُ، أَيْ: يَعِيبُونَهُ وَيَنْتَقِدُونَهُ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ فَأَغْنَاهُمْ بِمَا فَتَحَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُعَابَ أَوْ يُنْقَمَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَالْآيَةُ كَقَوْلِهِ: وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [٨٥ \ ٨] ، وَقَوْلِهِ: وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا [٧ \ ١٢٦] ، وَقَوْلِهِ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [٢٢ \ ٤٠] .
وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: قَوْلُ نَابِغَةِ ذِبْيَانَ: [الطَّوِيلِ]
وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
وَقَوْلِ الْآخَرِ: [الْمُنْسَرِحِ]
مَا نَقَمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا ... أَنَّهُمْ يَضْرِبُونَ إِنْ غَضِبُوا
وَقَوْلِ الْآخَرِ: [الْوَافِرِ]
فَمَا يَكُ فِيَّ مِنْ عَيْبٍ فَإِنِّي ... جَبَانُ الْكَلْبِ مَهْزُولُ الْفَصِيلِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ شِدَّةَ حَرِّ نَارِ جَهَنَّمَ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [٦٦ \ ٦] ، وَقَوْلِهِ: كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى [٧ \ ١٥، ١٦] ، وَقَوْلِهِ: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا [٤ \ ٥٦] ، وَقَوْلِهِ: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ [٢٢ \ ١٩ - ٢١] ، وَقَوْلِهِ: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ الْآيَةَ [١٨ \ ٢٩] ، وَقَوْلِهِ: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [٤٧ \ ١٥] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
تَنْبِيهٌ
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَزْنِ جَهَنَّمَ بِالْمِيزَانِ الصَّرْفِيِّ، فَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَى أَنَّ