للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [٧ \ ٥٢] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا [٢٠ \ ١١٣] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [٢٥ \ ٣٣] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [٧٥ \ ١٧ - ١٩] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [٤٢ \ ٥٢] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [١٢ \ ٣] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا [٤ \ ١١٣] ، وَمِنْ أَعْظَمِ ذَلِكَ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [٢ \ ١٨٥] .

وَتَعْلِيمُهُ - جَلَّ وَعَلَا - هَذَا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، قَدْ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُ مَنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [٣٥ \ ٣٢] .

وَقَدْ عَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ أَنْ يَحْمَدُوهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعُظْمَى الَّتِي هِيَ إِنْزَالُ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا [١٨ \ ١] ، وَبَيَّنَ أَنَّ إِنْزَالَهُ رَحْمَةٌ مِنْهُ لِخَلْقِهِ - جَلَّ وَعَلَا - فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [٢٨ \ ٨٦] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [٤٤ \ ٥ - ٦] ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لِذَلِكَ فِي الْكَهْفِ وَالزُّخْرُفِ.

عَلَّمَ الْقُرْآنَ حَذَفَ فِيهِ أَحَدَ الْمَفْعُولَيْنِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي، كَمَا ظَنَّهُ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ، وَقَدْ رَدَّهُ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّانَ، وَالصَّوَابُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ، مِنْ أَنَّ الْمَحْذُوفَ الْأَوَّلُ، وَتَقْدِيرُهُ: عَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: جِبْرِيلَ، وَقِيلَ: الْإِنْسَانَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ.

اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ خَلْقَ الْإِنْسَانِ وَتَعْلِيمَهُ الْبَيَانَ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ اللَّهِ الْبَاهِرَةِ، كَمَا أَشَارَ تَعَالَى لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ النَّحْلِ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [١٦ \ ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>