للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِيضَاحُ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى وَفَّقَ الْمُؤْمِنِينَ بِإِنْزَالِ السَّكِينَةِ وَازْدِيَادِ الْإِيمَانِ، وَأَشْقَى غَيْرَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يُوَفِّقْهُمْ بِذَلِكَ لِيُجَازِيَ كُلًّا بِمُقْتَضَى عَمَلِهِ.

وَهَذِهِ الْآيَةُ شَبِيهَةٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْأَحْزَابِ: وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [٣٣ \ ٧٣] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا.

بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّهُ يُجَازِي الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ بِثَلَاثِ عُقُوبَاتٍ وَهِيَ غَضَبُهُ، وَلَعْنَتُهُ، وَنَارُ جَهَنَّمَ.

وَقَدْ بَيَّنَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ بَعْضَ نَتَائِجِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، كَقَوْلِهِ فِي الْغَضَبِ: وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [٢٠ \ ٨١] ، وَقَوْلِهِ فِي اللَّعْنَةِ: وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا [٤ \ ٥٢] ، وَقَوْلِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ: رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [٣ \ ١٩٢] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.

بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّهُ أَرْسَلَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ يَبْعَثُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَاهِدًا عَلَى أُمَّتِهِ، وَأَنَّهُ مُبَشِّرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُنْذِرٌ لِلْكَافِرِينَ. قَالَ تَعَالَى فِي شَهَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أُمَّتِهِ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [٤ \ ٤١] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ [١٦ \ ٨٩] .

فَآيَةُ النِّسَاءِ وَآيَةُ النَّحْلِ الْمَذْكُورَتَانِ الدَّالَّتَانِ عَلَى شَهَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أُمَّتِهِ تُبَيِّنَانِ آيَةَ الْفَتْحِ هَذِهِ.

وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ مُبَشِّرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَنَذِيرٌ لِلْكَافِرِينَ أَوْضَحَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا [١٩ \ ٩٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>