أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ الْآيَةَ [٢٣ \ ٧٠] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ.
الرَّسُولُ الْكَرِيمُ هُوَ مُوسَى، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ مُوسَى هُوَ الَّذِي أُرْسِلَ لِفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ - كَثِيرَةٌ وَمَعْرُوفَةٌ.
وَقَوْلُهُ: أَدُّوا إِلَيَّ أَيْ سَلِّمُوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، يَعْنِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَرْسِلُوهُمْ مَعِي.
فَقَوْلُهُ: عِبَادَ اللَّهِ مَفْعُولٌ بِهِ لِقَوْلِهِ: أَدُّوا.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ مُوسَى طَلَبَ مِنْ فِرْعَوْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيُرْسِلَهُمْ مَعَهُ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، مُصَرَّحًا فِيهَا بِأَنَّ عِبَادَ اللَّهِ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «طه» : فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ [٢٠ \ ٤٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي «الشُّعَرَاءِ» : فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ [٢٦ \ ١٦ - ١٧] .
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ (أَنْ) فِي قَوْلِهِ: أَنْ أَدُّوا هِيَ الْمُفَسِّرَةُ ; لِأَنَّ مَجِيءَ الرَّسُولِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقَوْلِ، لَا الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: عِبَادَ اللَّهِ مَفْعُولٌ بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَمَا أَوْضَحَتْهُ آيَةُ «طه» وَآيَةُ «الشُّعَرَاءِ» لَا مُنَادَى مُضَافٌ.
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ.
قَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ «الْمُؤْمِنِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ [٤٠ \ ٢٧] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ.
لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ أَوْرَثَهُمْ مَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي سُورَةِ «الشُّعَرَاءِ» أَنَّهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْآيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute