وَبَيَّنَّا هُنَاكَ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا مَعَ قَوْلِهِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [٦ \ ٢٣] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ.
قَدْ قَدَّمَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ «ص» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [٣٨ \ ٢٧] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ.
قَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ مَعَ شَوَاهِدِهِ الْعَرَبِيَّةِ فِي سُورَةِ «النَّحْلِ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [١٦ \ ٨٤] .
قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ.
لِعُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: قَيَّضْنَا عِبَارَاتٌ يَرْجِعُ بَعْضُهَا فِي الْمَعْنَى إِلَى بَعْضٍ.
كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ أَيْ جِئْنَاهُمْ بِهِمْ، وَأَتَحْنَاهُمْ لَهُمْ.
وَكَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: قَيَّضْنَا أَيْ هَيَّأْنَا.
وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: قَيَّضْنَا أَيْ سَلَّطْنَا.
وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَيْ بَعَثْنَا وَوَكَلْنَا.
وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: قَيَّضْنَا أَيْ سَبَّبْنَا.
وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: قَدَرْنَا. وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ; فَإِنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ رَاجِعٌ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - هَيَّأَ لِلْكَافِرِينَ قُرَنَاءَ مِنَ الشَّيَاطِينِ يُضِلُّونَهُمْ عَنِ الْهُدَى، وَيُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ، وَقَدَّرَهُمْ عَلَيْهِمْ.
وَالْقُرَنَاءُ: جَمْعُ قَرِينٍ، وَهُمْ قُرَنَاؤُهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ عَلَى التَّحْقِيقِ.
وَقَوْلُهُ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ - أَيْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا حَتَّى آثَرُوهُ عَلَى الْآخِرَةِ -