وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [١٦ \ ٩٦] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ. قَدْ قَدَّمْنَا مَا يُوَضِّحُهُ، مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ، ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْآيَةَ [٢ \ ١٦٦] ، وَذَكَرْنَا بَعْضَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا الْآيَةَ [٧ \ ٣٨] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.
قَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ، مَعَ بَعْضِ الْمَبَاحِثِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [٢ \ ٣٤] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ هُودٍ، وَذَكَرْنَا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْآيَاتِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ: وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ الْآيَةَ [١١ \ ٢٩] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ. الْحِينُ الْمَذْكُورُ هُنَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [١٥ \ ٩٩] .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْحِينُ الْمَذْكُورُ هُنَا، هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَتَبَيَّنُ لَهُ حَقَائِقُ الْهُدَى وَالضَّلَالِ.
وَاللَّامُ فِي لِتَعْلَمُنَّ مُوطِئَةٌ لِلْقَسَمِ، وَقَدْ أَكَّدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ نَبَأَ الْقُرْآنِ أَيْ صِدْقَهُ، وَصِحَّةَ جَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ حِينٍ بِالْقَسَمِ، وَنُونِ التَّوْكِيدِ.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ تَهْدِيدِ الْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ، قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ تَعَالَى، فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [٦ \ ٦٦ - ٦٧] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute