كَانَتْ مِرْصَادًا لِلطَّاغِينَ مَآبًا [٧٨ \ ٢١ - ٢٢] ، وَإِمَّا مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا [٧٨ \ ٣١ - ٣٢] ، فَبَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ: فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا، يَؤُوبُ بِهِ عِنْدَ رَبِّهِ مَآبًا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ شَاءَ هُنَا نَصٌّ فِي التَّخْيِيرِ، وَلَكِنَّ الْمَقَامَ لَيْسَ مَقَامَ تَخْيِيرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا الْآيَةَ [١٨ \ ٢٩] .
فَهُوَ إِلَى التَّهْدِيدِ أَقْرَبُ، كَمَا أَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَ مَشِيئَةِ الْعَبْدِ فِيمَا يَسْلُكُ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَيَدُلُّ عَلَى التَّهْدِيدِ مَا جَاءَ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا
وَقَوْلُهُ: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [٧٨ \ ٤٠] ، وَهَذَا كُلُّهُ تَحْذِيرٌ شَدِيدٌ، وَحَثٌّ أَكِيدٌ عَلَى السَّعْيِ الْحَثِيثِ لِفِعْلِ الْخَيْرِ، وَطَلَبِ النَّجَاةِ فِي الْيَوْمِ الْحَقِّ. نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ
قَدْ بَيَّنَ تَعَالَى نَتِيجَةَ هَذَا النَّظَرِ إِمَّا الْمَسَرَّةَ بِهِ وَإِمَّا الْفَزَعَ مِنْهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [٣ \ ٣٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute