للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، تُؤْتَى أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا [٢٨ \ ٥١ \ ٥٤] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ الْآيَةَ، يَعْنِي: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [٤٢ \ ١٥] ، وَقَوْلُهُ: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ الْآيَةَ [٢ \ ٢٨٥] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ يَعْنِي: عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا بَيَّنَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [٥٧ \ ٢١] ، وَآيَةُ «آلِ عِمْرَانَ» هَذِهِ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمَاءِ فِي آيَةِ «الْحَدِيدِ» جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِجَمِيعِ السَّمَاوَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، الْمُرَادُ بِالْقَرْحِ الَّذِي مَسَّ الْمُسْلِمِينَ هُوَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [٣ \ ١٤٣] ، وَقَوْلُهُ: وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ الْآيَةَ [٣ \ ١٤٠] ، وَقَوْلُهُ: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ [٣ \ ١٥٢] ، وَقَوْلُهُ: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ [٣ \ ١٥٣] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَأَمَّا الْمُرَادُ بِالْقَرْحِ الَّذِي مَسَّ الْقَوْمَ الْمُشْرِكِينَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ هُوَ مَا أَصَابَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَعَلَيْهِ فَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [٨ \ ١٢ \ ١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>