للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهَا أَيضًا قَوْلُهُ - تَعَالَى -: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا [٣٦ \ ٦٠ - ٦٢] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ فِي آيَةِ «الزُّخْرُفِ» : فَبِئْسَ الْقَرِينُ [٤٣ \ ٣٨] عَلَى أَنَّ قُرَنَاءَ الشَّيَاطِينِ الْمَذْكُورِينَ فِي آيَةِ «فُصِّلَتْ» وَآيَةِ «الزُّخْرُفِ» وَغَيْرِهِمَا - جَدِيرِينَ بِالذَّمِّ الشَّدِيدِ، وَقَدْ صَرَّحَ - تَعَالَى - بِذَلِكَ فِي سُورَةِ «النِّسَاءِ» فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [٤ \ ٣٨] لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَسَاءَ قَرِينًا بِمَعْنَى فَبِئْسَ الْقَرِينُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْ «سَاءَ» وَ «بِئْسَ» فِعْلٌ جَامِدٌ لِإِنْشَاءِ الذَّمِّ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ:

وَاجْعَلْ كَبِئْسَ سَاءَ وَاجْعَلْ فِعْلًا ... مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ كَنِعْمَ مُسْجَلَا

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - بَيَّنَ أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِي أَضَلَّهُمْ قُرَنَاؤُهُمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ - يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى، فَهُمْ يَحْسَبُونَ أَشَدَّ الضَّلَالِ أَحْسَنَ الْهُدَى، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - عَنْهُمْ: وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [٤٣ \ ٣٧] وَقَالَ - تَعَالَى -: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [٧] .

وَبَيَّنَ - تَعَالَى - أَنَّهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الظَّنِّ الْفَاسِدِ هُمْ أَخْسَرُ النَّاسِ أَعْمَالًا، فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [١٨ \ ١٠٣ - ١٠٤] .

وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي آيَةِ «الزُّخْرُفِ» : وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ [٤٣ \ ٣٦] مِنْ قَوْلِهِمْ: عَشَا - بِالْفَتْحِ - عَنِ الشَّيْءِ يَعْشُو - بِالضَّمِّ - إِذَا ضَعُفَ بَصَرُهُ عَنْ إِدْرَاكِهِ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ أَعْمَى الْقَلْبِ، فَبَصِيرَتُهُ تَضْعُفُ عَنِ الِاسْتِنَارَةِ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ يُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ قُرَنَاءَ الشَّيَاطِينِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ.

قَدْ قَدَّمَنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «يس» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ الْآيَةَ [٣٦ \ ٧] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ.ُُ

<<  <  ج: ص:  >  >>