للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ.

وَمَا ذَكَرَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، مُصَرَّحٌ فِيهَا بِأَنَّهُ تَعَالَى يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا [١٨ \ ١٧] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ [١٧ \ ٩٧] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [٧ \ ١٧٨] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [٩١ \ ٧ - ٨] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ، نَرْجُو اللَّهَ الرَّحِيمَ الْكَرِيمَ أَنْ يَهْدِيَنَا وَأَلَّا يُضِلَّنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.

هَذِهِ الْأُخُوَّةُ الَّتِي أَثْبَتَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ هِيَ أُخُوَّةُ الدِّينِ لَا النَّسَبِ.

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْأُخُوَّةَ تَكُونُ فِي الدِّينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [٣٣ \ ٥] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [١٧ \ ٩] أَنَّ الْأُخُوَّةَ الدِّينِيَّةَ أَعْظَمُ وَأَقْوَى مِنَ الْأُخُوَّةِ النَّسَبِيَّةِ، وَبَيَّنَّا أَدِلَّةَ ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ إِعَادَتِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ. قَوْلُهُ: لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ أَيْ لَا يَسْتَخِفُّوا وَلَا يَسْتَهْزِئُوا بِهِمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سَخِرَ مِنْهُ بِكَسْرِ الْخَاءِ، يَسْخَرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْقِيَاسِ، إِذَا اسْتَهْزَأَ بِهِ وَاسْتَخَفَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>