الثَّالِثَ عَشَرَ: مُنْتَهَى الصَّبْرِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ عَنِ الدِّينِ، وَهَكَذَا كَانَ فِي الْأُمَمِ الْأُولَى، وَبَيَانُ فَضْلِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِذْ جَازَ لَهَا التَّلَفُّظُ بِمَا يُخَالِفُ عَقِيدَتَهَا وَقَلْبُهَا مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ.
وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ قَوْلُهُ:
الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْكُفْرِ بِالْإِهْلَاكِ الْعَظِيمِ الْأَوْلَى بِهِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى مَا خُوِّفَ مِنْهُ، وَأَنَّ إِظْهَارَ كَلِمَةِ الْكُفْرِ كَالرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ أَخَذَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَتَرَكَهُ، وَقَالَ لِلْآخَرِ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَا، بَلْ أَنْتَ كَذَّابٌ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا الَّذِي تَرَكَ فَأَخَذَ بِالرُّخْصَةِ فَلَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّذِي قُتِلَ فَأَخَذَ بِالْأَفْضَلِ فَهَنِيئًا لَهُ» .
وَتَقَدَّمَ بَحْثُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -.
الرَّابِعَ عَشَرَ: إِجَابَةُ دَعْوَةِ الْغُلَامِ وَنُصْرَةُ اللَّهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: التَّضْحِيَةُ بِالنَّفْسِ فِي سَبِيلِ نَشْرِ الدَّعْوَةِ، حَيْثُ دَلَّ الْغُلَامُ الْمَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ الْغُلَامُ بِهَا مِنْ إِقْنَاعِ النَّاسِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَلَوْ كَانَ الْوُصُولُ لِذَلِكَ عَلَى حَيَاتِهِ هُوَ.
السَّادِسَ عَشَرَ: إِبْقَاءُ جِسْمِهِ حَتَّى زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِكْرَامًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَالدُّعَاةِ مِنْ أَنْ تَأْكُلَ الْأَرْضُ أَجْسَامَهُمْ.
السَّابِعَ عَشَرَ: إِثْبَاتُ دَلَالَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَعْثِ.
الثَّامِنَ عَشَرَ: حَيَاةُ الشُّهَدَاءِ لِوُجُودِ الدَّمِ وَعَوْدَةِ الْيَدِ مَكَانَهَا بِحَرَكَةٍ مَقْصُودَةٍ.
التَّاسِعَ عَشَرَ: مَعْرِفَةُ تِلْكَ الْقِصَّةِ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ حَيْثُ حُدِّثُوا بِهَا تَخْوِيفًا مِنْ عَوَاقِبِ أَفْعَالِهِمْ بِضَعَفَةِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي تَمَامِ الْقِصَّةِ.
الْعِشْرُونَ: نُطْقُ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ بِالْحَقِّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ. الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: هُمْ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: قُعُودٌ، ذُكِرَ فِيهِمَا خِلَافٌ.