للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَقَوْلِهِ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [٢٦ ١٩٢] ، وَقَوْلِهِ: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [٣٩ ١] وَقَوْلِهِ: تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [٤١ ٢] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى.

تَقَدَّمَ إِيضَاحُ الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا فِي الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ مُسْتَوْفًى فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى

. خَاطَبَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنَّهُ: إِنْ يَجْهَرْ بِالْقَوْلِ أَيْ يَقُولُهُ جَهْرَةً فِي غَيْرِ خَفَاءٍ، فَإِنَّهُ جَلَّ وَعَلَا يَعْلَمُ السِّرَّ وَمَا هُوَ أَخْفَى مِنَ السِّرِّ. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُنَا ذَكَرُهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٦٧ ١٣] ، وَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [١٦ ١٩] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ [٤٧ ٢٦] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْآيَةَ [٢٥ ٦] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَفِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَخْفَى أَوْجُهٌ مَعْرُوفَةٌ كُلُّهَا حَقٌّ وَيَشْهَدُ لَهَا قُرْآنٌ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَعْلَمُ السِّرَّ: أَيْ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ سِرًّا وَأَخْفَى أَيْ وَيَعْلَمُ مَا هُوَ أَخْفَى مِنَ السِّرِّ، وَهُوَ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [٥٠ \ ١٦] . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ: أَيْ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَأَخْفَى مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ سَيَفْعَلُهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ فَاعِلُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ [٢٣ ٦٣] ، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [٥٣ ٣٢] فَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّهُ الْإِنْسَانُ الْيَوْمَ. وَمَا سَيُسِرُّهُ غَدًا. وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ فِي مُعَلَّقَتِهِ:

وَأَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ ... وَلَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَأَخْفَى صِيغَةُ تَفْضِيلٍ كَمَا بَيَّنَّا، أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>