للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ الْآيَةَ [١٦ \ ١٠٠] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ.

ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُ وَيَجْتَنِبُونَ نَهْيَهُ.

وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمُتَّقِينَ أَوْلِيَاؤُهُ، فَهُوَ وَلِيُّهُمْ وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ; لِأَنَّهُمْ يُوَالُونَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْإِيمَانِ، وَهُوَ يُوَالِيهِمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْجَزَاءِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

ثُمَّ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِأَوْلِيَائِهِ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [١٠ \ ٦٣] . فَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَكَانُوا يَتَّقُونَ كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ «الْجَاثِيَةِ» هَذِهِ: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ.

وَقَدْ بَيَّنَ - تَعَالَى - فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الْآيَةَ [٥ \ ٥٥] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [٢ \ ٢٥٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [٤٧ \ ١١] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ [٧ \ ١٩٦] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي الْمَلَائِكَةِ: قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ الْآيَةَ [٣٤ \ ٤١] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ بِأَبْسَطِ مِنْ هَذَا.

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ.

الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: هَذَا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

وَالْبَصَائِرُ جَمْعُ بَصِيرَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ فِي الْحَقِّ لَبْسًا، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [١٢ \ ١٠٨] أَيْ عَلَى عِلْمٍ وَدَلِيلٍ وَاضِحٍ.

وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ بَرَاهِينُ قَاطِعَةٌ، وَأَدِلَّةٌ سَاطِعَةٌ، عَلَى أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَعْبُودُ وَحْدَهُ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقٌّ.

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ بَصَائِرُ لِلنَّاسِ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِي أُخْرَيَاتِ «الْأَعْرَافِ» :

<<  <  ج: ص:  >  >>