للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ هُودٍ

الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ.

اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَاسْتِقْرَاءُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ يُرَجِّحُ وَاحِدًا مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ وَمَا يُرَجِّحُهُ الْقُرْآنُ مِنْهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَنَقُولُ، وَبِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا نَسْتَعِينُ:

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، كَمَا بَيَّنَّا فِي «آلِ عِمْرَانَ» وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ.

وَقِيلَ: هِيَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَيُرْوَى مَا يَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَعَلَيْهِ إِطْبَاقُ الْأَكْثَرِ. وَنُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَعْتَضِدُ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم [٣٢ \ ١] السَّجْدَةِ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ [٧٦ \ ١] .

وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ قَاتِلِ مُحَمَّدٍ السَّجَّادِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ الْجَمَلِ، وَهُوَ شُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ:

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ

وَحَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِلْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ قَائِلًا: إِنَّهُ الَّذِي قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ الْمَذْكُورَ، وَذَكَرَ أَبُو مُخَنِّفٍ أَنَّهُ لِمُدْلِجِ بْنِ كَعْبٍ السَّعْدِيِّ، وَيُقَالُ كَعْبُ بْنُ مُدْلِجٍ، وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ عِصَامُ بْنُ مُقْشَعِرٍّ، قَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: وَهُوَ الثَّبْتُ، وَأَنْشَدَ لَهُ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ، وَقَبْلَهُ:

وَأَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآيَاتِ رَبِّهِ ... قَلِيلُ الْأَذَى فِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>