للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ

عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا ... عَلِيًّا وَمَنْ لَا يَتْبَعُ الْحَقَّ يَنْدَمِ

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ. . . الْبَيْتَ. اهـ مِنْ «فَتْحِ الْبَارِي» .

فَقَوْلُهُ: «يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ» ، بِإِعْرَابِ «حَامِيمَ» إِعْرَابَ مَا لَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّورَةِ.

وَقِيلَ: هِيَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهَا أَقْسَامٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا، وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ.

وَقِيلَ: هِيَ حُرُوفٌ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنِ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ جَلَّ وَعَلَا. فَالْأَلِفُ مِنْ «الم» مَثَلًا: مِفْتَاحُ اسْمِ اللَّهِ، وَاللَّامُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ لَطِيفٍ، وَالْمِيمُ: مِفْتَاحُ اسْمِهِ مَجِيدٍ، وَهَكَذَا. وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَاسْتُدِلَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُطْلِقُ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ مِنَ الْكَلِمَةِ، وَتُرِيدُ بِهِ جَمِيعَ الْكَلِمَةِ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ:

قُلْتُ لَهَا قِفِي فَقَالَتْ لِي قَافِ ... لَا تَحْسَبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَافِ

فَقَوْلُهُ: «قَافِ» أَيْ وَقَفْتُ، وَقَوْلِ الْآخَرِ:

بِالْخَيْرِ خَيْرَاتٌ وَإِنْ شَرًّا فَا ... وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا

يَعْنِي: وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، وَلَا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ، فَاكْتَفَى بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ عَنْ بَقِيَّةِ الْكَلِمَتَيْنِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ» الْحَدِيثَ، قَالَ سُفْيَانُ: هُوَ أَنْ يَقُولَ فِي اقْتُلْ: اقْ، إِلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَقْوَالِ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ، وَهِيَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ قَوْلًا.

أَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي يَدُلُّ اسْتِقْرَاءُ الْقُرْآنِ عَلَى رُجْحَانِهِ فَهُوَ: أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ ذُكِرَتْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ الْخَلْقَ عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا، وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْمُبَرِّدِ، وَجَمْعٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ، وَقُطْرُبٍ، وَنَصَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>