وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَذِبَ وَالْخَطِيئَةَ مُسْنَدَانِ فِي الْحَقِيقَةِ لِصَاحِبِ النَّاصِيَةِ، كَمَا أَنَّ الْخُشُوعَ وَالْعَمَلَ وَالنَّصَبَ مُسْنَدَاتٌ إِلَى أَصْحَابِ الْوُجُوهِ.
وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ الْجَنَّةَ فِيهَا كُلُّ مُشْتَهًى، وَكُلُّ مُسْتَلِذٍّ - جَاءَ مَبْسُوطًا مُوَضَّحَةً أَنْوَاعُهُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَجَاءَ مُحَمَّدٌ أَيْضًا إِجْمَالًا شَامِلًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ النَّعِيمِ.
أَمَّا إِجْمَالُ ذَلِكَ فَفِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [٣٢ \ ١٧] .
وَأَمَّا بَسْطُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ فَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَنَّ مِنْ ذَلِكَ النَّعِيمِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ - الْمَشَارِبَ، وَالْمَآكِلَ وَالْمَنَاكِحَ، وَالْفُرُشَ وَالسُّرُرَ، وَالْأَوَانِيَ، وَأَنْوَاعَ الْحُلِيِّ وَالْمَلَابِسَ، وَالْخَدَمَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
أَمَّا الْمَآكِلُ فَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ [٤٣ \ ٧٣] . وَقَالَ: وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [٥٦ \ ٣٢ - ٣٣] . وَقَالَ - تَعَالَى -: وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ [٥٦ \ ٣٢ - ٣٣] . وَقَالَ - تَعَالَى -: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا الْآيَةَ [٢ \ ٢٥] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
أَمَّا الْمَشَارِبُ، فَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا [٧٦ \ ٥ - ٦] . وَقَالَ - تَعَالَى -: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا الْآيَةَ [٧٦ \ ١٧ - ١٨] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ [٥٦ \ ١٧ - ١٩] . وَقَالَ - تَعَالَى -: يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ [٣٧ \ ٤٥ - ٤٧] . وَقَالَ - تَعَالَى -: فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ [٤٧ \ ١٥] . وَقَالَ - تَعَالَى -: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [٦٩ \ ٢٤] . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute