بيدك واجلدني مائة، ولا تقتص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا علي اقعد فقد عرف الله مقامك ونيتك"، وقام الحسن والحسين فقالا: يا عكاشة أليس تعلم أنَّا سبطا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالقصاص منا كالقصاص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقعدا يا قرة عيني لا نسي الله لكما هذا المقام". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا عكاشة اضرب إن كنت ضاربًا" فقال: يا رسول الله: ضربتني وأنا حاسر عن بطني، فكشف عن بطنه - صلى الله عليه وسلم - وصاح المسلمون بالبكاء، وقالوا: أترى عكاشة ضاربًا بطن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه القباطي لم يملك أن أكب عليه، فقبل بطنه وهو يقول: فداك أبي وأمي، ومن تطيق نفسه أن يقتص منك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إما أن تضرب وإما أن تعفو" فقال: قد عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني يوم القيامة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ". فقام المسلمون فجلعوا يقبلون ما بين عينيه ويقولون: طوبى لك، طوبى لك، نلت درجات العلا ومرافقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
فمرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يومه، فكان مريضًا ثمانية عشر يومًا يعوده الناس، وكان - صلى الله عليه وسلم - ولد يوم الاثنين، وبُعِث يوم الاثنين، وقُبض في يوم الاثنين، فلما كان يوم الأحد ثقل في مرضه، فأذن بلال بالأذان، ثم وقف بالباب، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت بلال، فقالت فاطمة: يا بلال، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم مشغول بنفسه، فدخل بلال المسجد، فلما أسفر الصبح قال: والله لا أقيمها أو استأذن سيدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع، وقام بالباب وقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، الصلاة يرحمك الله، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت بلال، فقال: ادخل يا بلال إن رسول الله مشغول بنفسه، مر أبا بكر يصلي بالناس، فخرج ويده على أم رأسه وهو يقول: واغوثاه بالله وانقطاع رجائي، وانقصام ظهري، ليتني لم تلدني أمي، واذ ولدتني ليتني لم أشهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا