للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب منه في التمسك بالسنة في العبادة وغيرها]

٣٠٨ - حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن، ومغيرة الضبي، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت عليّ جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنته حتى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال - أو كخير البعولة من رجل - لم يفتش لنا كنفًا ولم يعرف لنا فراشًا فأقبل عليّ فعزمني وعضني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة ذات حسب فعضلتها وفعلت ثم انطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكاني، فأرسل إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيته، فقال: "أتصوم الدهر؟ " قلت: نعم. قال: "فتقوم الليل؟ " نلت: نعم. قال: "لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" ثم قال: "اقرأ القرآن في كل شهر" قلت: أجدني أقوى من ذلك، قال: "فاقرأه في عشرة أيام" قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: "فاقرأه في كل ثلاث" ثم قال: "صم في كل شهر ثلاثة أيام" قلت: إني أقوى من ذلك، فلم يزل يرفعني حتى قال: "صم يومًا وأفطر يومًا، فإنه أفضل الصيام وهو صيام أخي داود عليه السلام".

قال حصين في حديثه: ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل عابد شرة ولكل شرة فترة، فإما إلى سنة وإما إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنة ففد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك ففد هلك" (١).

قال مجاهد: وكان عبد الله حين ضعف وكبر يصوم الأيام يصل بعضها إلى بعض يتقوى بذلك ثم يفطر بعد ذلك الأيام، قال: وكان يقرأ في أحزابه كذلك يزيد أحيانًا وينقص أحيانًا، غير أنه توفى به العدة إما في سبع وإما في ثلاث، ثم كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليّ مما عدل به أو عدل، لكني فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره.

قلت: ولهذا الحديث طرق في القصد في العبادة، وفي قراءة القرآن.


(١) أخرجه النسائي في الصيام (٤/ ١٧٩)، وأحمد في المسند (٢/ ٢١٥ ح ٦٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>