[باب فيما صبر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -]
٢٣٥٦ - حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو، ثنا أبو حصين الوادعي، ثنا يحيى الحماني، ثنا عبد الله بن المبارك، عن صفوان بن عمرو، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: جلست إلى المقداد بن الأسود يومًا، فمر به رجل، فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله لوددنا أنّا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت، فاستغضب فجعلت أعجب، ما قال إلَّا خيرًا، ثم أقبل عليه فقال: ما يحمل أحدكم على أن يتمني محضرًا غيبه الله - عز وجل - عنه، لا يدرى لو شهده كيف كان يكون فيه، والله لقد حضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقوام أكبهم الله - عز وجل - على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه، أولا تحمدون الله إذ أخرجكم الله - عز وجل - لا تعرفون إلا ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم - عليه السلام - وقد كفيتم البلاء بغيركم؟ والله لقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - على أشد حال بعث عليه نبي من الأنبياء في فترة وجاهلية ما يرون دينًا أفضل من عبادة الأوثان، فجاء بفرقان فرّق به بين الحق والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرًا، وقد فتح الله تعالى قفل قلبه للإيمان، ليعلم أنه قد هلك من دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار، وأنها للتي قال الله - عز وجل -: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[الفرقان: ٧٤](١).
(١) أخرجه أحمد في مسنده (٦/ ٢١ - ٣ ح ٢٣٨٧٢)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٥٣ ح ٦٠٠) من طرق عن ابن المبارك.