وحفظ بعد رجوعه مع الخروبي إلى مصر سنة ٧٨٦ هـ "عمدة الأحكام" للمقدسي، و "مختصر ابن الحاجب" في الأصول، و "ملحقة الإعراب" للهروي، وألفية العراقي، وألفية ابن مالك، والتنبيه في فروع الشافعية للشيراري.
تميز ابن حجر بسرعة الحفظ، وبلغ من أمره أنه حفظ سورة مريم في يوم واحد، وكان حفظه تأملًا على طريقة الأذكياء، واشتغل مدة بالتجارة بعد موت الخروبي سنة ٧٨٧ هـ، ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون الأدب.
[طلبه للحديث]
تمثل سنة ٧٩٣ هـ منعطفًا في حياة ابن حجر، حيث حُبِبَ إليه علم الحديث النبوي فأقبل عليه بكليته، وكان شيخه في هذا العلم زين الدين العراقي (٨٠٦ هـ)، الذي لازمه عشر سنوات، وأرخ لهذه الفترة بقوله "رفع الحجاب، وفتح الباب، وأقبل العزم المصمم على التحصيل، ووفق للهداية إلى سواء السبيل".
فقرأ على مُسنِدي القاهرة ومصر الكثير في مدة قصيرة، ووقع له سماع متصل عالٍ لبعض الأحاديث، وقال ابن فهد المكي:"وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى"، لحظ الألحاظ لابن فهد (٢٣٠).
[زوجاته]
تزوج ابن حجر عندما بلغ عمره خمسًا وعشرين عامًا وذلك سنة (٧٩٨ هـ) من أنس ابنة القاضي كريم الدين عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز، ناظر الجيش، وهي من أسرة معروفة بالرئاسة والحشمة والعلم، فاعتنى بها، وأسمعها الحديث المسلسل بالأولية علي شيخه حافظ العصر الزين العراقي والشريف بن الكويك، وحصل لها جملة من الإجازات باستدعاءات عدد من الحفاظ والمسندين، كما استصحبها معه إلى الحج سنة ٨١٥ هـ، وحدثت بحضور زوجها، وقرأ عليها الفضلاء، واستولدها عدة بنات هن: زين خاتون، وفرحة، وغالبة، ورابعة، وفاطمة، ولم تلد ذكرًا، وكان كثير التبجيل لها، وهي عظيمة الرغبة فيه.
كما تزوج أرملة الزين أبي بكر الأمشاطي، ورزق منها آمنة، ولم تعش طويلًا حيث ماتت في شوال سنة ٨٣٦ هـ، وبموتها طلق أمها.