الأنصاري تغتسل، فكرر إليها النظر، وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج هاربًا على وجهه، فأتى جبالًا بين مكة والمدينة فولجها، ففقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا، وهي الأيام التي قالوا: ودعه ربه وقلاه، ثم إن جبريل نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إذ الهارب من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عمر، يا سلمان، انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن" فخرجا في أنقاب المدينة فلقيهما راع من رعاة المدينة يقال له رفاقة فقال له عمر - رضي الله عنه -: يا رفاقة هل لك علم بشاب بين هذه الجبال؟ فقال له رفاقة: لعلك تريد الهارب من جهنم، فقال له عمر: وما علمك أنه هارب من جهنم؟ قال: لأنه إذا كان في جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعًا يده على أم رأسه وهو يقول: ليتك قبضت روحي في الأرواح، وجسدي في الأجساد، ولم تجردني في فصل القضاء، فقال له عمر: إياه نريد، قال: فانطلق بهم رفاقة، فلما كان في جوف الليل خرج علينا من بين الجبال واضعًا يده على أم رأسه وهو يقول: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح، وجسدي في الأجساد ولم تجردني لفصل القضاء، قال: فغدا عليه عمر فاحتضنه، فقال: الأمان الأمان الخلاص من النار، فقال له عمر: أنا عمر بن الخطاب، فقال: يا عمر هل علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذنبي؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلني أنا وسلمان في طلبك "فقال: يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو يصلي، أو وبلال يقول: قد قامت الصلاة، قال: أفعل، فأقبلا به إلى المدينة فوافقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صلاة الغداة فبدر عمر وسلمان الصف فلما سمع قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى خر مغشيًا عليه، فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عمر، ويا سلمان ما فعل ثعلبة بن عبد الرحمن؟ " قالا: ها هو ذا يا رسول الله، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما فقال: "ثعلبة" قال: لبيك يا رسول الله، فنظر إليه فقال: "ما غيبك عني؟ " قال: ذنبي يا رسول الله، قال: "أفلا أدلك على آية تكفر الذنوب والخطايا؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: قل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة: ٢٠١]، قال: ذنبي