، وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَبَيْعُ التَّوْلِيَةِ وَهُوَ الْمُبَادَلَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، وَبَيْعُ الِاشْتِرَاكِ وَهُوَ التَّوْلِيَةُ، لَكِنْ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَبَيْعُ الْوَضِيعَةِ وَهُوَ الْمُبَادَلَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ نُقْصَانِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْحُكْمِ فَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ حُكْمِ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
وَإِذَا عَرَفْتَ أَقْسَامَ الْبِيَاعَاتِ، فَنَذْكُرُ شَرَائِطَهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ وَهُوَ مَا لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْعَقِدُ التَّصَرُّفُ بِدُونِهِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ وَهُوَ مَا لَا صِحَّةَ لَهُ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْعَقِدُ وَيَنْفُذُ بِدُونِهِ، وَبَعْضُهَا شَرْطُ اللُّزُومِ، وَهُوَ مَا لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْعَقِدُ وَيَنْفُذُ بِدُونِهِ (أَمَّا) شَرَائِطُ الِانْعِقَادِ فَأَنْوَاعٌ: بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، (أَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ فَنَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ شَرْطُ انْعِقَادِ التَّصَرُّفِ وَالْأَهْلِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الْعَقْلِ فَلَا يَثْبُتُ الِانْعِقَادُ بِدُونِهِ، فَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ عِنْدَنَا، حَتَّى لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مَالَ نَفْسِهِ؛ يَنْعَقِدُ عِنْدَنَا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَعَلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ شَرْطٌ فَلَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الصَّبِيِّ عِنْدَهُ أَصْلَا وَكَذَا لَيْسَ بِشَرْطِ النَّفَاذِ فِي الْجُمْلَةِ، حَتَّى لَوْ تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَعِنْدَهُ لَا يَنْفُذُ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الْمَأْذُونِ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَا لِنَفَاذِهِ حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْإِجْمَاعِ، وَيَنْعَقِدُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا بَاعَ مَالَ مَوْلَاهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ عِنْدَنَا، وَكَذَا الْمِلْكُ أَوْ الْوِلَايَةُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ عِنْدَنَا، بَلْ هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ، وَعِنْدَهُ شَرْطٌ حَتَّى لَا يَتَوَقَّفَ أَصْلًا، وَالْمَسْأَلَةُ تَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا.
وَكَذَا إسْلَامُ الْبَائِعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَا لِنَفَاذِهِ وَلَا لِصِحَّتِهِ بِالْإِجْمَاعِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْكَافِرِ وَشِرَاؤُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إسْلَامُ الْمُشْتَرِي شَرْطُ جَوَازِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ وَالْمُصْحَفِ، حَتَّى لَا يَجُوزَ ذَلِكَ مِنْ الْكَافِرِ.
(وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ فِي تَمَلُّكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ إذْلَالًا بِالْمُسْلِمِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَكُمْ، وَلَنَا عُمُومَاتُ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ مِنْ الْكَافِرِ فَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ، إلَّا حَيْثُ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ؛ وَلِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْكَافِرِ بِالشِّرَاءِ لَيْسَ إلَّا الْمِلْكُ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ مِنْ أَبِيهِ؟ ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ بَقِيَ مِلْكُهُ فِيهِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَرَضٌ لَا بَقَاءَ لَهُ فَدَلَّ أَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ فِي الْمُسْلِمِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ إذْلَالٌ بِالْمُسْلِمِ، قُلْنَا: الْمِلْكُ عِنْدَنَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا فِيهِ إذْلَالٌ بِالْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْجَارِيَةِ الْمُسْلِمَةِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَا ذُلَّ فِيهِ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْبَيْعِ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجَبْرَ عَلَى الْبَيْعِ لَيْسَ لِدَفْعِ الذُّلِّ، إذْ لَا ذُلَّ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَكِنْ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ فِعْلٍ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ لِعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.
وَإِذَا جَازَ شِرَاءُ الذِّمِّيِّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ، فَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ وَكِتَابَتُهُ؛ لِأَنَّ جَوَازَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمِلْكِ، وَقَدْ وُجِدَ إلَّا أَنَّهُ إذَا دَبَّرَهُ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إبْقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْإِزَالَةِ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ؛ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَتَعَيَّنَتْ الْإِزَالَةُ بِالسِّعَايَةِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا؛ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا لِمَا قُلْنَا، وَيُوجَعُ الذِّمِّيُّ ضَرْبًا لِوَطْئِهِ الْمُسْلِمَةَ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، فَيَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ، وَإِذَا كَاتَبَهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ يَدَهُ عَنْهُ، حَتَّى لَوْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ، وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا مَلَكَ شِقْصًا فَالْحُكْمُ فِي الْبَعْضِ كَالْحُكْمِ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ الْكَافِرِ شِرَاءً فَاسِدًا؛ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْفَسَادِ وَاجِبٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
النُّطْقُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا لِنَفَاذِهِمَا وَصِحَّتِهِمَا، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَخْرَسِ وَشِرَاؤُهُ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً فِي ذَلِكَ، قَامَتْ الْإِشَارَةُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ، هَذَا إذَا كَانَ الْخَرَسُ أَصْلِيًّا بِأَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَارِضًا بِأَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ فَلَا، إلَّا إذَا دَامَ بِهِ حَتَّى وَقَعَ الْيَأْسُ مِنْ كَلَامِهِ وَصَارَتْ الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً فَيُلْحَقُ بِالْأَخْرَسِ الْأَصْلِيِّ.
وَالثَّانِي الْعَدَدُ فِي الْعَاقِدِ فَلَا يَصْلُحُ الْوَاحِدُ عَاقِدًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي بَابِ الْبَيْعِ إلَّا الْأَبَ فِيمَا يَبِيعُ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute