يَوْمَ اشْتَرَاهُ حَتَّى يَعْتِقَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَعْتِقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَيَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ وَلَوْ قَالَ أَوْسَطُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَكُلُّ فَرْدٍ لَهُ حَاشِيَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِيمَا قِبَلَهُ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَهُوَ أَوْسَطُ وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ وَلَا الْآخِرُ وَسَطًا أَبَدًا وَلَا يَكُونُ الْوَسَطُ إلَّا فِي وِتْرٍ وَلَا يَكُونُ فِي شَفْعٍ فَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا فَالثَّانِي هُوَ الْأَوْسَطُ فَإِنْ اشْتَرَى رَابِعًا خَرَجَ الثَّانِي مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ فَإِنْ اشْتَرَى خَامِسًا صَارَ الثَّالِثُ هُوَ الْأَوْسَطَ فَإِنْ اشْتَرَى سَادِسًا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْسَطَ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا صَارَ الْعَدَدُ شَفْعًا فَلَا وَسَطَ لَهُ وَكُلُّ مَنْ حَصَلَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَسَطًا.
[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أُمُورٍ مُتَفَرِّقَةٍ]
(فَصْلٌ) :
(وَأَمَّا) الْحَلِفُ عَلَى أُمُورٍ مُتَفَرِّقَةٍ إذَا قَالَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حِنْطَةً فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَإِذَا هِيَ حِنْطَةٌ وَتَمْرٌ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ حِنْثِهِ كَوْنَ الْجُمْلَةِ حِنْطَةً وَالْجُمْلَةُ لَيْسَتْ بِحِنْطَةٍ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ إلَّا حِنْطَةً فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَكَانَتْ تَمْرًا وَحِنْطَةً يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَحْنَثُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ كُلُّهَا حِنْطَةً لَا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ إنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ غَيْرُ حِنْطَةٍ فَامْرَأَتُهُ كَذَا وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ فِي تِلْكَ الْجُمْلَةِ غَيْرَ حِنْطَةٍ فَوُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ فَيَحْنَثُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ إنَّ الْمُسْتَثْنَى لَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ تَحْتَ الْيَمِينِ إنَّمَا الدَّاخِلُ تَحْتَهَا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهُ لَا وُجُودُ الْمُسْتَثْنَى وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ لَا يُعْلَمُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّهُ وُجِدَ أَمْ لَا فَلَا يَحْنَثُ وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالَ فِي الْجَامِعِ إنْ كَانَ لِي إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَكَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَلْزَمْهُ الْكَذِبُ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا حَلِفٌ عَلَى أَمْرٍ مَوْجُودٍ فَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ بِاَللَّهِ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ الْجُمْلَةُ سِوَى الْحِنْطَةِ أَوْ غَيْرَ الْحِنْطَةِ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ إلَّا حِنْطَةً لِأَنَّ غَيْرَ وَسِوَى مِنْ أَلْفَاظِ الِاسْتِثْنَاءِ.
وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا فَإِنَّ عَبْدَهُ لَا يَعْتِقُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا وَهُوَ عَالِمٌ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهَا يَمِينُ غَمُوسٍ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَهِيَ يَمِينُ اللَّغْوِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَأَمَّا عَدَمُ عِتْقِ عَبْدِهِ فَلِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى لَيْسَ مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ حَتَّى يَصِيرَ الْحُكْمُ بِهِ إكْذَابًا لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَمْ يَصِرْ مُكَذَّبًا فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بِالْيَمِينِ الْأُولَى فِي الْحُكْمِ فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ جَمِيعًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إذَا قَالَ بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْأُولَى أَوْ هَمَّتْ أَوْ نِيسَتْ أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ آخَرَ أَوْ عَتَاقٍ أَنَّهُ دَخَلَهَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْآخَرُ وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَكَذَبَ نَفْسَهُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْيَمِينَيْنِ بِالْأُخْرَى وَأَعْتَرِف بِوُقُوعِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ أَنَّهُ أَكَذَبَ نَفْسَهُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى بِالْآخِرَةِ وَلَمْ يُكْذِبْ نَفْسَهُ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بَعْدَمَا عَقَدَهَا وَالْأَكْذَبُ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَلَمْ يَحْنَثْ فِيهَا فَإِنْ رَجَعَ فَحَلَفَ ثَالِثًا لَمْ يَعْتِقْ الثَّالِثُ وَعَتَقَ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَكَذَبَ نَفْسَهُ فِي الْيَمِينِ بَعْدَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَةً فَقَالَ لَهَا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَرَاثَ لَهُ غَيْرُهُ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَمْ يَعْتِقْ فِي قَوْلِهِمَا وَتَعْتِقُ عِنْدَ زُفَرَ وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَرْجِعُ إلَى مَعْرِفَةِ أَوَانِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ فَزُفَرُ يَقُولُ وَقْتُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ عَقِيبَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ بِلَا فَصْلٍ فَكَمَا مَاتَ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ فَقَدْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى حَالِ الْمِلْكِ فَتَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَيْهِ وَلَمْ تَصِحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ لِأَنَّ حَالَ الْمِلْكِ حَالُ زَوَالِ النِّكَاحِ فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ إنَّ الْمِلْكَ لِلْوَارِثِ يَثْبُتُ لَهُ عَقِيبَ زَوَالِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ فَيَزُولُ مِلْكُ الْمَيِّتِ عَقِيبَ الْمَوْتِ أَوَّلًا ثُمَّ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute