للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٍ إلَّا نِصْفَهَا فَلَا يَكْمُلُ النِّصَابُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ.

وَكَذَلِكَ سِتُّونَ مِنْ الْبَقَرِ أَوْ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَصَفْنَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْتَهُ فِي السَّوَائِمِ الْمُشْتَرَكَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ، وَكَذَلِكَ الزُّرُوعُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ عِنْدَهُمَا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ النِّصَابَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ بَلْ يَجِبُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْمُصْدِقُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْهُ إذَا وَجَدَ فِيهِ وَاجِبًا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَلَا يَنْتَظِرُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا عَلَى عِلْمِهِمَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ.

وَإِنَّ الْمُصْدِقَ لَا يَتَمَيَّزُ لَهُ الْمَالُ فَيَكُونُ إذْنٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِهِ دَلَالَةً، ثُمَّ إذَا أَخَذَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا غَيْرَ بِأَنْ كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فَأَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً لِأَجْلِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ إذَا كَانَ ثَمَانُونَ مِنْ الْغَنَمِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهَا شَاتَيْنِ فَلَا تَرَاجُعَ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَهُوَ شَاةٌ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا قَدْرَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَانُونَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا يَجِبُ فِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ لِكَمَالِ نِصَابِهِ وَزِيَادَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ لِنُقْصَانِ نِصَابِهِ فَإِذَا حَضَرَ الْمُصَدِّقُ وَأَخَذَ مِنْ عَرَضِهَا شَاةً وَاحِدَةً يَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ بِثُلُثِ قِيمَةِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَكَانَتْ الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَقَدْ أَخَذَ الْمُصْدِقُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَ شَاةٍ لِأَجْلِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الثُّلُثِ.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ فَجَاءَ الْمُصْدِقُ وَأَخَذَ مِنْ عَرَضِهَا شَاتَيْنِ كَانَ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِصَاحِبِ الثَّمَانِينَ.

وَالثُّلُثُ لِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ فَكَانَتْ الشَّاتَانِ الْمَأْخُوذَتَانِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ شَاةٌ وَثُلُثُ شَاةٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَا شَاةٍ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ كَامِلَةٌ فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ شَاةً وَثُلُثَ شَاةٍ وَمِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَيْ شَاةٍ فَقَدْ صَارَ آخِذًا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَ شَاةٍ لِأَجْلِ زَكَاةِ صَاحِبِ الثُّلُثِ، فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِقِيمَةِ ثُلُثِ شَاةٍ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ «وَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» .

[فَصْلٌ صِفَةُ نِصَابِ السَّائِمَةِ]

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا صِفَةُ نِصَابِ السَّائِمَةِ فَلَهُ صِفَاتٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا لِلْإِسَامَةِ وَهُوَ أَنْ يُسِيمَهَا لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَالَ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالُ النَّامِي وَهُوَ الْمُعَدُّ لِلِاسْتِنْمَاءِ، وَالنَّمَاءُ فِي الْحَيَوَانِ بِالْإِسَامَةِ إذْ بِهَا يَحْصُلُ النَّسْلُ فَيَزْدَادُ الْمَالُ فَإِنْ أُسِيمَتْ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ أَوْ اللَّحْمِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَلَوْ أُسِيمَتْ لِلْبَيْعِ وَالتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ مَالِ التِّجَارَةِ لَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ، ثُمَّ السَّائِمَةُ هِيَ الرَّاعِيَةُ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ عَنْ الْعَلَفِ وَيُمَوِّنُهَا ذَلِكَ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تُعْلَفَ، فَإِنْ كَانَتْ تُسَامُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَتُعْلَفُ وَتُمَانُ فِي الْبَعْضِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ.

أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يَمْنَعُونَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّائِمَةِ عَلَى مَا تُعْلَفُ زَمَانًا قَلِيلًا مِنْ السَّنَةِ؟ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهَا لِحُصُولِ مَعْنَى النَّمَاءِ وَقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ فَيَحْصُلُ الْأَدَاءُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ إذَا أُسْيِمَتْ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْجِنْسُ فِيهِ وَاحِدًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ أَوْ اخْتَلَفَا، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ السَّوَائِمِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِطَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالْعِرَابِ وَالْبَخَاتَى فِي الْإِبِلِ، وَالْجَوَامِيسِ فِي الْبَقَرِ، وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ فِي الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِنِصَابِهَا بِاسْمِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَاسْمُ الْجِنْسِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَنْوَاعَ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ كَاسْمِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَسَوَاءٌ كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ الْأَهْلِيِّ أَوْ مِنْ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْأُمُّ أَهْلِيًّا كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ الشَّاةِ وَالظَّبْيِ إذَا كَانَ أُمُّهُ شَاةً وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْبَقَرِ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ إذَا كَانَ أُمُّهُ أَهْلِيَّةً فَتَجِب فِيهِ الزَّكَاةُ وَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>