مُضَافَانِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ زَمَانُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ لَمْ تَصِحَّ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَيْهِ إذْ الْعِتْقُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ وَصِحَّةُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ لِانْعِدَامِ الْإِضَافَةِ إلَى حَالَةِ زَوَالِ النِّكَاحِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ الْقِيَاسُ مَا قَالَ زُفَرُ إنَّ الْمِلْكَ لِلْوَارِثِ لَهُ يَثْبُتُ عَقِيبَ الْمَوْتِ بِلَا فَصْلٍ فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى زَمَانِ بُطْلَانِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَصِحَّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَيْهِ إلَّا إنِّي اسْتَحْسَنْتُ أَنْ لَا تَصِحَّ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إزَالَةُ الْمِلْكِ وَالْإِزَالَةُ تَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الثُّبُوتِ وَالْعِتْقُ مَعَ الْمِلْكِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَالَ إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَمَلَكْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَارِثُهُ عَتَقَتْ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى الْمِلْكِ وَلَوْ قَالَ إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَمَلَكْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا فَقَدْ زَالَ النِّكَاحُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِأَمَتِهِ إذَا مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ وَارِثُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ الْعَتَاقُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَقَعَانِ جَمِيعًا.
وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ الْعَتَاقُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ عَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ وَعَدَمُ ثُبُوتِ الْعِتْقِ عَلَى قَوْلِهِمَا فَلِمَا ذَكَرْنَا وَزُفَرُ يَقُولُ وُجِدَ عَقْدُ الْيَمِينِ فِي مِلْكِهِ وَالشَّرْطُ فِي مِلْكِهِ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ كَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا وَاشْتَرَاهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
[الطَّلَاقِ بِحَقِّ الصِّفَةِ وَهُوَ نَوْعَانِ سُنَّة وَبِدْعَة]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ) :
قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْأَصْلِ يَقَعُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ.
فِي بَيَانِ صِفَةِ الطَّلَاقِ وَفِي بَيَانِ قَدْرِهِ وَفِي بَيَانِ رُكْنِهِ وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ وَفِي بَيَانِ حُكْمِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالطَّلَاقُ بِحَقِّ الصِّفَةِ نَوْعَانِ: طَلَاقُ سُنَّةٍ وَطَلَاقُ بِدْعَةٍ، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ طَلَاقٌ مَسْنُونٌ وَطَلَاقٌ مَكْرُوهٌ أَمَّا.
طَلَاقُ السُّنَّةِ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي تَفْسِيرِ طَلَاقِ السُّنَّةِ: أَنَّهُ مَا هُوَ، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَطَلَاقُ السُّنَّةِ نَوْعَانِ؛ نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْوَقْتِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعَانِ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ، وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَصْنَافِ النِّسَاءِ، وَهُنَّ فِي الْأَصْلِ عَلَى صِنْفَيْنِ حَرَائِرُ وَإِمَاءٌ وَكُلُّ صِنْفٍ عَلَى صِنْفَيْنِ حَائِلَاتٌ وَحَامِلَاتٌ، وَالْحَائِلَاتُ عَلَى صِنْفَيْنِ ذَوَاتُ الْإِقْرَاءِ وَذَوَاتُ الْأَشْهُرِ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ أَحْسَنُ الطَّلَاقِ فِي ذَوَاتِ الْقُرْءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَلَا طَلَاقَ وَلَا فِي حَيْضَةِ طَلَاقٍ وَلَا جِمَاعٍ وَيَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حَيْضَاتٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً حَيْضَتَانِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ ﵀ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْتَحْسِنُونَ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يُطَلِّقُوا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الْحِكَايَةِ عَنْهُمْ: وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ وَمِثْلُهُ لَا يَكْذِبُ وَلِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَكَانِ احْتِمَالِ النَّدَمِ، وَالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ النَّدَمِ لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي لَا جِمَاعَ فِيهِ زَمَانُ كَمَالِ الرَّغْبَةِ.
وَالْفَحْلُ لَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ كَمَالِ الرَّغْبَةِ إلَّا لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى الطَّلَاقِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ النَّدَمُ فَكَانَ طَلَاقٌ لِحَاجَةٍ فَكَانَ مَسْنُونًا، وَلَوْ لَحِقَهُ النَّدَمُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّدَارُكِ مِنْ الثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ فَكَانَ أَحْسَنَ وَإِنَّمَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَا طَلَاقَ فِيهِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ أَوْ الطَّلْقَتَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا شَرَطْنَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي حَيْضَةِ جِمَاعٍ وَلَا طَلَاقَ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَهَا فِي حَيْضِ هَذَا الطُّهْرِ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ وَقَعَ الْجِمَاعُ مُعَلَّقًا فَيَظْهَرُ الْحَبَلُ فَيَنْدَمُ عَلَى صَنِيعِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَّقَ لَا لِحَاجَةٍ وَإِذَا طَلَّقَهَا فِيهِ فَالطَّلَاقُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَيْضَةَ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ يُكْرَه لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِيهِ فَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ ثُمَّ طَهُرَتْ.
وَأَمَّا فِي الْحَامِلِ إذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِنْ كَانَ قَدْ جَامَعَهَا وَطَلَّقَهَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَوَاتِ الْقُرْءِ لِاحْتِمَالِ النَّدَامَةِ لَا لِاحْتِمَالِ الْحَبَلِ فَمَتَى طَلَّقَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَبَلِ فَالظَّاهِرُ