الطَّيْلَسَانَ فَكَلَّمَهُ حَنِثَ لِأَنَّ الطَّيْلَسَانَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِالْمَنْعِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ ذَاتُ صَاحِبِهِ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَوَابَّ فُلَانٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثِيَابَهُ أَوْ لَا يُكَلِّمُ غِلْمَانَهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَا آكُلُ أَطْعِمَةَ فُلَانٍ أَوْ لَا أَشْرَبُ أَشْرِبَةَ فُلَانٍ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْعِمَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْرِبَةٍ لِمَا قُلْنَا وَيُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمِلْكِ فِيهَا وَقْتَ الْفِعْلِ لَا وَقْتَ الْحَلِفِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَمِيعَ مَا فِي مِلْكِهِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ لَمْ يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ كَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ مَا تَلَفَّظَ بِهِ فَيُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَنَوَى الْجَمِيعَ وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى إخْوَةِ فُلَانٍ أَوْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ نِسَاءِ فُلَانٍ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْ الْكُلَّ مِنْهُمْ عَمَلًا بِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ وَيَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْحَلِفِ لِأَنَّ هَذِهِ إضَافَةُ نِسْبَةٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْصَى فَالْيَمِينُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ وَيُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُ فَكَانَ كَالْمُعَرَّفِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْصَى إلَّا بِكِتَابٍ حَنِثَ بِالْوَاحِدِ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِغْرَاقُ الْجِنْسِ فَيُصْرَفُ إلَى أَدْنَى الْجِنْسِ كَقَوْلِهِ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَمِمَّا يُجَانِسُ مَسَائِلَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَا قَالَ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ سَأَلْت أَسَدًا عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ أَوْ بِنْتًا لِفُلَانٍ فَوُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ وَلَا بَنَاتَ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ بَقَرَةِ فُلَانٍ وَلَا بَقَرَةَ لَهُ ثُمَّ اشْتَرَى بَقَرَةً فَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ صَغِيرٍ وَاَللَّهِ لَا أَتَزَوَّجُ مِنْ بَنَاتِك فَبَلَغَ فَوُلِدَ لَهُ فَتَزَوَّجَ مِنْهُنَّ أَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟ ، وَقَالَ لَا آكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ شَجَرَةِ فُلَانٍ وَلَا شَجَرَةَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَى شَجَرَةً فَأَكَلَ مِنْ ثَمَرِهَا قَالَ أَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ بَقَرَةِ فُلَانٍ وَلَا يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ شَجَرَةِ فُلَانٍ فَلَا يَحْنَثُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا أَتَزَوَّجُ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ أَوْ بِنْتًا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ حَلَفَ يَوْمَ حَلَفَ عَلَى مَا لَمْ يُخْلَقْ حَالَ حَلَفَ وَسَأَلْت الْحَسَنَ فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَتَزَوَّجُ بِنْتَ فُلَانٍ يَقْتَضِي بِنْتًا مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ فَلَمْ تُعْقَدْ الْيَمِينُ عَلَى الْإِضَافَةِ وَإِذَا قَالَ بِنْتًا لِفُلَانٍ فَقَدْ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى الْإِضَافَةِ فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا يَوْمَ الْحَلِفِ كَقَوْلِهِ عَبْدًا لِفُلَانٍ وَأَمَّا أَسَدٌ فَاعْتَبَرَ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَقْتَ الْيَمِينِ فَمَا كَانَ مَعْدُومًا لَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ فِيهِ فَلَا يَحْنَثُ.
وَقَالَ خَلَفٌ سَأَلْت أَسَدًا عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلدَّارِ أَهْلٌ ثُمَّ سَكَنَهَا قَوْمٌ فَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ قَالَ يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِي وَهُوَ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ اعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ.
[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْحَالِف أَوْ لَا يَخْرُجُ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْحَالِفِ أَوْ لَا يَخْرُجُ إذَا قَالَ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ أَوْ رَكِبَ دَابَّتِي أَوْ ضَرَبَ عَبْدِي فَفَعَلَ ذَلِكَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدٌ نَكِرَةٌ وَالْحَالِفُ صَارَ مَعْرِفَةً بِيَاءِ الْإِضَافَةِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مَا يَكُونُ مُتَمَيِّزَ الذَّاتِ مِنْ بَنِي جِنْسِهِ وَالنَّكِرَةُ مَا لَا يَكُونُ مُتَمَيِّزَ الذَّاتِ عَنْ بَنِي جِنْسِهِ بَلْ يَكُونُ مُسَمَّاهُ شَائِعًا فِي جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مُتَمَيِّزَ الذَّاتِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزِ الذَّاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ دَخَلَ دَارَك هَذِهِ أَحَدٌ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَك أَوْ ضَرَبَ غُلَامَك فَفَعَلَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ صَارَ مَعْرِفَةً بِكَافِ الْخِطَابِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَإِنْ فَعَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرِفَةٍ لِانْعِدَامِ مَا يُوجِبُ كَوْنَهُ مَعْرِفَةً فَجَازَ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ النَّكِرَةِ.
وَلَوْ قَالَ إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا فَلَبِسَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْرِفَةً بِتَاءِ الْخِطَابِ وَإِنْ أَلْبَسَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْحَالِفَ حَنِثَ لِأَنَّ الْحَالِفَ نَكِرَةٌ فَيَدْخُلُ تَحْتَ نَكِرَةٍ وَإِنْ قَالَ إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَالِفُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّ رَأْسَهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً فَكَانَ أَقْوَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ بِيَاءِ الْإِضَافَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَ غُلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَحَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَ الْحَالِفُ وَهُوَ غُلَامُ الْحَالِفِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَنِثَ وَطَعَنَ الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْعِرَاقِيُّ فِي هَذَا فِي الْجَامِعِ.
وَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّ الْحَلِفَ تَحْتِ اسْمِ الْعَلَمِ وَالْأَعْلَامُ مَعَارِفُ وَهِيَ عِنْدَ أَهْلِ النَّحْوِ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْإِشَارَةِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَكَذَا عَرَّفَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى أَبِيهِ بِقَوْلِهِ ابْنِ مُحَمَّدٍ فَامْتَنَعَ دُخُولُهُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute