امْرَأَتَهُ ثُمَّ تَعُودُ إلَيْهِ وَقَدْ يُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ ﷿ مَا هِيَ حَرَامٌ عَلَيْك بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ بِاَللَّهِ ﷿ مَا هِيَ مُطَلَّقَةٌ مِنْك ثَلَاثًا أَوْ مَا هِيَ حَرَامٌ عَلَيْك بِالْخَلْعِ أَوْ مَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ.
وَهَكَذَا يَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى هَذَا دَعْوَى الْعَتَاقِ فِي الْأَمَةِ بِأَنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ عَلَى مَوْلَاهَا أَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُنْكِرٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ الْمَوْلَى عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ ﷿ مَا أَعْتَقَهَا إلَّا أَنْ يُعَرِّضَ لِأَنَّهُ يَتَصَوَّرُ النَّقْضَ فِي هَذَا وَالْعَوْدَ إلَيْهِ بِأَنْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سَبَاهَا أَوْ سَبَاهَا غَيْرُهُ فَاشْتَرَاهَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ كَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي الْعِتْقَ هُوَ الْعَبْدَ فَيَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِلَا خِلَافٍ بِاَللَّهِ ﷿ مَا أَعْتَقَهُ فِي الرِّقِّ الْقَائِمِ لِلْحَالِ فِي مِلْكِهِ لِانْعِدَامِ تَصَوُّرِ التَّعْرِيضِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يَحْتَمِلُ السَّبْيَ بَعْدَ الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يُعْرَفْ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ كَافِرًا يَحْلِفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْحُكْمِ لِاحْتِمَالِ الْعَوْدِ إلَى الرِّقِّ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا نَقَضَ الْعَهْدَ وَلِحَقِّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ يُسْتَرَقُّ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُقْتَلُ إنْ أَبَى وَلَا يُسْتَرَقّ وَعَلَى هَذَا دَعْوَى النِّكَاحِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى الِاسْتِحْلَافَ فِيهِ فَيَقُولُ الدَّعْوَى لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الرَّجُلِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إلَّا أَنْ يُعَرِّضَ لِاحْتِمَالِ الطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ بِسَبَبٍ مَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحُكْمِ بِاَللَّهِ ﷿ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.
وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَيَقُولُ لَهُ إنْ كُنْت تُرِيدُ ذَلِكَ فَطَلِّقْ هَذِهِ ثُمَّ تَزَوَّجْ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا وَإِنْ كَانَ دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إلَّا أَنْ يُعَرِّضَ فَيَحْلِفَ عَلَى الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهَا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْ أَقَرَّتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا فَلَا يُمَكِّنُهَا مِنْ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنْ قَالَتْ مَا الْخَلَاصُ عَنْ هَذَا وَقَدْ بَقِيَتْ فِي عُهْدَتِهِ أَبَدَ الدَّهْرِ وَلَيْسَتْ لِي بَيِّنَةٌ وَهَذِهِ تُسَمَّى عُهْدَةَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْقَاضِي لِلزَّوْجِ طَلِّقْهَا فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَوْ طَلَّقْتهَا لَلَزِمَنِي الْمَهْرُ فَلَا أَفْعَلُ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي قُلْ لَهَا إنْ كُنْت امْرَأَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ لَوْ كَانَتْ امْرَأَتَك وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَلَا وَلَا يَلْزَمُك شَيْءٌ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ فَإِنْ أَبَى يَجْبُرُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ تَخَلَّصَ عَنْ تِلْكَ الْعُهْدَةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى إجَارَةِ الدَّارِ أَوْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ مُزَارِعَةٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إلَّا إذَا عَرَّضَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْلِفُ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا كَانَ صَحِيحًا وَهُوَ الْإِجَارَةُ يَحْلِفُ وَمَا كَانَ فَاسِدًا وَهُوَ الْمُعَامَلَةُ وَالْمُزَارَعَةُ لَا يَحْلِفُ أَصَلًا لِأَنَّ الْحَلِفَ بِنَاءً عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَلَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ بِأَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً وَأَنَّهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت إلَّا إذَا عَرَّضَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْحُكْمِ بِاَللَّهِ لَيْسَ عَلَيْك الدِّيَةُ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِك وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِاخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ فِي الدِّيَةِ فِي فَصْلِهِ الْخَطَإِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً أَوْ تَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْعَاقِلَةُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ عَلَى مَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ أَدَاء الْيَمِين]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا حُكْمُ أَدَائِهِ فَهُوَ انْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ لِلْحَالِ لَا مُطْلَقًا بَلْ مُوَقَّتًا إلَى غَايَةِ إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ حُكْمُهُ انْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تَبْقَى لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ فَكَذَا إذَا اسْتَحْلَفَ لَا يَبْقَى لَهُ وِلَايَةُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْجَامِعُ أَنَّ حَقَّهُ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا يَمْلِكُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْعَامَّةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الْحُجَّةِ لِأَنَّهَا كَلَامُ الْأَجْنَبِيِّ فَأَمَّا الْيَمِينُ فَكَالْخَلَفِ عَنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا كَلَامُ الْخَصْمِ صِيرَ إلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا جَاءَ الْأَصْلُ انْتَهَى حُكْمُ الْخَلَفِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ هَذَا الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَيْته أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ هَذَا الْحَقِّ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ بَرِيءٌ يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ لِلْحَالِ أَيْ بَرِيءٌ عَنْ دَعْوَاهُ وَخُصُومَتِهِ لِلْحَالِ وَيَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْحَقِّ فَلَا يُجْعَلُ إبْرَاءً عَنْ الْحَقِّ بِالشَّكِّ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute