[كِتَابُ الْكَفَالَةِ] [رُكْن الْكَفَالَةِ]
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ فِي بَيَانِ رُكْنِ الْكَفَالَةِ وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الْكَفَالَةِ وَفِي بَيَانِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْكَفِيلُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَفِي بَيَانِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْخُرُوجِ أَنَّهُ هَلْ يَرْجِعُ أَمْ لَا (أَمَّا) الرُّكْنُ فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ الْإِيجَابُ مِنْ الْكَفِيلِ وَالْقَبُولُ مِنْ الطَّالِبِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُف الْآخَرُ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ الرُّكْنُ هُوَ الْإِيجَابُ فَحَسْبُ (فَأَمَّا) الْقَبُولُ فَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ ﵀ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ فَقِيلَ نَعَمْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِينَارَانِ فَامْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقَالَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ أَوْ أَبُو قَتَادَةَ ﵄ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهَا» وَلَمْ يُنْقَلْ قَبُولُ الطَّالِبِ وَلِأَنَّ الْكَفَالَةَ ضَمٌّ لُغَةً وَالْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ بِمَا عَلَى الْأَصِيلِ شَرْعًا لَا تَمْلِيكٌ.
أَلَا يُرَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ الْجَهَالَةُ وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ وَالتَّمْلِيكُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَمَعْنَى الضَّمِّ وَالِالْتِزَامِ يَتِمُّ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَأَشْبَهَ النَّذْرَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِوَرَثَتِهِ اضْمَنُوا عَنِّي مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ لِغُرَمَائِي وَهُمْ غُيَّبٌ فَضَمِنُوا ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَلْزَمُهُمْ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَلَهُمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ لَيْسَتْ بِالْتِزَامٍ مَحْضٍ بَلْ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ لِمَا نَذْكُرُ وَالتَّمْلِيكُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَرِيضِ نَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفْت أَنَّ رُكْنَ الْكَفَالَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَالْإِيجَابُ مِنْ الْكَفِيلِ أَنْ يَقُولَ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَمِينٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ غَرِيمٌ أَوْ قَبِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ أَوْ لَك عَلَيَّ أَوْ لَك قِبَلِي أَوْ لَك عِنْدِي.
(أَمَّا) لَفْظُ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ فَصَرِيحَانِ وَكَذَلِكَ الزَّعَامَةُ بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ وَالْغَرَامَةُ بِمَعْنَى الضَّمَانِ قَالَ النَّبِيُّ ﵊ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» أَيْ الْكَفِيلُ ضَامِنٌ وَكَذَلِكَ الْقُبَالَةُ بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ أَيْضًا يُقَالُ قَبِلْت بِهِ أَقْبَلُ قُبَالَةً وَتَقَبَّلْت بِهِ أَيْ كَفَلَتْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا﴾ [الإسراء: ٩٢] أَيْ كَفِيلًا يَكْفُلُونِي بِمَا يَقُولُ وَالْحَمِيلُ بِمَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute