الْبَائِعِ لِمَا قُلْنَا، وَلَزِمَهُ ثَمَنُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لِلْبَاقِي بِجِنَايَتِهِ فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِتَعْيِيبِ الْبَائِعِ، فَإِنْ ابْتَدَأَ الْمُشْتَرِي بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ جَنَى الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ بَرِئَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ حِصَّةُ جِنَايَةِ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ قَابِضًا بِالْجِنَايَةِ، لَكِنَّ الْجِنَايَةَ فِيهِ قَبْضٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ، وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ، فَلَمَّا جَنَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ فَقَدْ اسْتَرَدَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ، فَحَصَلَتْ جِنَايَتُهُ تَعْيِيبًا لِلْمَبِيعِ، وَحُدُوثُ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ الْخِيَارَ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ جِنَايَةُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ هَلَكَ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَرُبُعٌ مِنْهُ قَائِمٌ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ أَيْضًا، وَالرُّبُعُ هَلَكَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ثَمَنُهُ.
وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْجِنَايَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي خَمْسَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَسَقَطَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا قَطَعَ يَدَهُ فَقَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ نِصْفُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا بِالْقَطْعِ، وَلَمَّا قَطَعَ الْبَائِعُ رِجْلَهُ فَقَدْ اسْتَرَدَّ نِصْفَ الْقَائِمِ مِنْ الْعَبْدِ، وَهُوَ الرُّبُعُ، فَبَقِيَ هُنَاكَ رُبُعٌ قَائِمٌ مِنْ الْعَبْدِ، فَإِذَا سَرَتْ الْجِنَايَةُ؛ فَقَدْ هَلَكَ ذَلِكَ الرُّبُعُ مِنْ سِرَايَةِ الْجِنَايَتَيْنِ، فَيَنْقَسِمُ ذَلِكَ الرُّبُعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَانْكَسَرَ الْحِسَابُ بِالْأَرْبَاعِ، فَيُجْعَلُ كُلُّ سَهْمٍ أَرْبَعَةً، فَيَصِيرُ ثَمَانِيَةً، فَلِذَلِكَ جَعَلْنَا الْحِسَابَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فَهَلَكَ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي النِّصْفُ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَبِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ سَهْمٌ فَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِمْ ثُمُنُهُ فَذَلِكَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، وَهَلَكَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ سَهْمَانِ وَبِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ سَهْمٌ فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ يَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ هَذَا الْقَدْرِ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ هَذَا إذَا جَنَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثُمَّ جَنَى الْبَائِعُ فَبَرَأَتْ الْجِرَاحَةُ أَوْ سَرَتْ.
(فَأَمَّا) إذَا جَنَى الْبَائِعُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي فَإِنْ بَرِئَ الْعَبْدُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي هَهُنَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْجِنَايَةِ بَعْدَ جِنَايَةِ الْبَائِعِ دَلِيلُ الرِّضَا بِتَعْيِينِهِ، فَبَطَلَ خِيَارُهُ، وَيَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لِمَا بَقِيَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ فَالْجَوَابُ هَهُنَا عَلَى الْقَلْبِ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةَ أَثْمَانٍ، وَسَقَطَ عَنْهُ خَمْسَةُ أَثْمَانِ الثَّمَنِ، فَحُكْمُ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي هَهُنَا كَحُكْمِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ هُنَاكَ لِمَا ذَكَرْنَا فَافْهَمْ.
وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا، وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَجَنَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَنَى عَلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ جَنَى الْبَائِعُ يَلْزَمُ الْبَائِعُ مِنْ الْقِيمَةِ مَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ قَابِضًا بِالْجِنَايَةِ، وَلَا يَمْلِكُ الْبَائِعُ نَقْضَ الْقَبْضِ، وَالِاسْتِرْدَادَ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَقْبُوضٌ فَصَارَتْ جِنَايَتُهُ وَجِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ جَنَى أَوَّلًا، ثُمَّ جَنَى الْمُشْتَرِي فَمَا هَلَكَ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَا هَلَكَ بِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ بِجِنَايَتِهِ بَعْدَ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَذَا مَا هَلَكَ بِسِرَايَةِ جِنَايَتِهِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ وَإِنْ هَلَكَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، لَا شَكَّ فِيهِ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَاتَّبَعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ بِضَمَانِ مَا جَنَى، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ الْبَيْعَ، وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِالضَّمَانِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَأَيُّهُمَا اخْتَارَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ كُلَّ الْمَبِيعِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ هَذَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
فَأَمَّا إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَإِنْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي؛ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي، فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِمَا قُلْنَا، وَيَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنْ هَلَكَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِلْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا أَوْ مُؤَجَّلًا فَهَذَا، وَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ سَوَاءٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بِأَنْ كَانَ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالثَّمَنُ حَالٌ غَيْرُ مَنْقُودٍ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُتْلَفِ، وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَرِدًّا لِذَلِكَ الْقَدْرِ بِالْإِتْلَافِ فَتَلِفَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي ضَمَانِهِ فَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَكُونُ مُسْتَرِدًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إتْلَافُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا هَلَكَ الْبَاقِي مِنْ سِرَايَةِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي جَمِيعُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْبَاقِي حَصَلَ مُضَافًا إلَى فِعْلِهِ فَصَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْكُلِّ فَتَلِفَ الْكُلُّ فِي ضَمَانِهِ فَيَسْقُطُ كُلُّ الثَّمَنِ.
وَلَوْ اخْتَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute