يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ وَرِثَهُ الْأَصِيلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لِأَنَّ الْإِرْثَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَيَمْلِكُهُ الْأَصِيلُ وَمَتَى مَلَكَهُ بَرِئَ فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ كَمَا إذَا أَدَّى وَلَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ وَهُوَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ إسْقَاطُ الْمُطَالَبَةِ لَا غَيْرُ وَلِهَذَا لَا تُوجِبُ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَعْنَى تَمْلِيكِ الدَّيْنِ أَصْلًا فَلَا يَرْجِعُ وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ مِمَّا ضَمِنَهُ بِأَمْرِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ جَازَ حَتَّى لَوْ أَدَّاهُ الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْحَقِّ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ الْعَقْدُ بِإِذْنِهِ مَوْجُودٌ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْحَقِّ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْوُجُوبِ جَائِزٌ كَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْأُجْرَةِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْكَفِيلُ مَا كَفَلَ بِهِ حَتَّى عَجَّلَ الْأَصِيلُ لِمَا كَفَلَ عَنْهُ وَدَفَعَ إلَى الْكَفِيلِ يُنْظَرُ إنْ دَفْعَهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ يَجُوزُ لِأَنَّ وِلَايَةَ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ إنْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً لَهُ فِي الْحَالِ لَكِنَّهَا ثَبَتَتْ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ إذَا عَجَّلَهُ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ حِلِّ الْأَجَلِ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَكُونُ قَضَاءً كَذَا هَذَا وَبَرِئَ الْأَصِيلُ مِنْ دَيْنِ الْكَفِيلِ وَلَكِنْ لَا يَبْرَأُ عَنْ دَيْنِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِمَا أَدَّى لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ الْمُعَجَّلِ وَرَبِحَ هَلْ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يَطِيبُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَحَصَلَ التَّمْلِيكُ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَيَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مِمَّا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ.
وَلَمْ يُذْكَرْ الْخِلَافُ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ يَتَصَدَّقُ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّ الرِّبْحَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ هَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ فَأَمَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لِيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِمَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ الْوَكِيلُ وَرَبِحَ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ وَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُودَعِ وَالْغَاصِبِ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَرَبِحَ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ وَالْمَسْأَلَةُ تَأَتَّى فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بَرِئْتُ إلَيَّ مِنْ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ لِمَا نَذْكُرُ وَفِي قَوْلِهِ بَرِئْتُ مِنْ الْمَالِ اخْتِلَافٌ نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ كَفَلَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ حَتَّى يَثْبُتَ لِلطَّالِبِ وَلَايَةُ مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ مَالِ الْكَفَالَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَكْفُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يَكْفُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ أَصْلًا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَدَّى لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ صَاحِبِهِ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكْفُلْ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ كَفَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكْفُلْ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِمَا عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ فِيمَا أَدَّى أَنَّهُ مِنْ كَفَالَةِ صَاحِبِهِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ كَفَالَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ كَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْ الْأَصِيلِ وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ عَنْ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَكَانَ لَهُ وَلَايَةُ الْأَدَاءِ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِذَا قَالَ أَدَّيْتُهُ عَنْ كَفَالَةِ صَاحِبِي يُصَدَّقُ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ أَدَّى الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً إنِّي أُؤَدِّي عَنْ كَفَالَةِ صَاحِبِي وَكَذَا إذَا قَالَ أَدَّيْتُهُ عَنْ كَفَالَةِ الْأَصِيلِ فَقُبِلَ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ أَوْ عِنْدَهُ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا عَلَيْهِ فَمَا أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ أَنَّهُ أَدَّى عَنْ شَرِيكِهِ لَا عَنْ نَفْسِهِ بَلْ يَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى هَذَا الْقَدْرِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ.
وَكَذَا إذَا قَالَ ابْتِدَاءً إنِّي أُؤَدِّي عَنْ شَرِيكَيْ لَا عَنْ نَفْسِي لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى هَذَا الْقَدْرِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ مَا لَمْ يَزِدْ الْمُؤَدَّى عَلَى خَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّ الْمُؤَدِّي إلَى خَمْسِمِائَةٍ لَهُ مُعَارِضٌ وَالزِّيَادَةُ لَا مُعَارِضَ لَهَا فَإِذَا زَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ إنْ شَاءَ عَلَى شَرِيكِهِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْأَصِيلِ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute