مِنْ قُطْنٍ هُوَ لَهُ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي سَبَبِ مِلْكٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ فَيُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ فَإِذَا وَقَعَتْ فِي سَبَبِ مِلْكٍ يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَيُقْضَى لِلْخَارِجِ.
وَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فِي الْمِلْكِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ أَوْ لَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي اللَّبَنِ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ حُلِبَ فِي يَدِهِ وَفِي مِلْكِهِ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ اللَّبَنَ الْوَاحِدَ لَا يَحْتَمِلُ الْحَلْبَ مَرَّتَيْنِ فَكَانَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي حَلَبَ مِنْهَا اللَّبَنَ نَتَجَتْ عِنْدَهُ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ بِالشَّاةِ وَاللَّبَنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي جُبْنٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ صَنْعُهُ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ اللَّبَنَ الْوَاحِدَ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَصْنَعَ جُبْنًا مَرَّتَيْنِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَرْضُهُ غَرَسَ النَّخْلَ فِيهَا يُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِأَنَّ النِّتَاجَ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَالْغَرْسُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِمِلْكِ الْأَرْضِ وَكَذَا الْغَرْسُ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحُبُوبِ النَّابِتَةِ وَالْقُطْنِ الثَّابِتِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ زَرْعُهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالْأَرْضِ وَالْحَبِّ وَالْقُطْنِ لِلْخَارِجِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبِنَاءِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ بُنِيَ عَلَى أَرْضِهِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حُلِيٍّ مَصُوغٍ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ صَاغَهُ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ تَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبِ خَزٍّ أَوْ شَعْرٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ نَسَجَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُنْسَجُ مَرَّتَيْنِ يُقْضَى لِلْخَارِجِ وَكَذَا إنْ كَانَ مُشْكِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي سَيْفٍ مَطْبُوعٍ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ طُبِعَ فِي مِلْكِهِ يَرْجِعُ فِي هَذَا إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جَارِيَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ أُمَّهَا أَمَتُهُ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ هَذِهِ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى بِالْجَارِيَةِ وَبِأُمِّهَا لِلْخَارِجِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ دَعْوَى النِّتَاجِ بَلْ هُوَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ مِلْكُ الْأُمِّ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَيُقْضَى بِالْأُمِّ لِلْخَارِجِ ثُمَّ يُمْلَكُ الْوَلَدُ بِمِلْكِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الشَّاةِ مَعَ الصُّوفِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَأَنَّ هَذَا صُوفُ هَذِهِ الشَّاةِ يُقْضَى بِالشَّاةِ وَالصُّوفِ لِلْخَارِجِ لَمَا قُلْنَا شَاتَانِ إحْدَاهُمَا بَيْضَاءُ وَالْأُخْرَى سَوْدَاءُ وَهُمَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ الْخَارِجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الْبَيْضَاءَ شَاتُه وَلَدَتْهَا السَّوْدَاءُ فِي مِلْكِهِ وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ السَّوْدَاءَ شَاتُه وَلَدَتْهَا الْبَيْضَاءُ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّاةِ الَّتِي شَهِدَتْ شُهُودُهُ أَنَّهَا وُلِدَتْ فِي مِلْكِهِ فَيُقْضَى لِلْخَارِجِ بِالْبَيْضَاءِ وَلِصَاحِبِ الْيَدِ بِالسَّوْدَاءِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ قَامَتْ عَلَى النِّتَاجِ فِي الْبَيْضَاءِ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ قَامَتْ فِيهَا عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى كَذَا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ قَامَتْ عَلَى النِّتَاجِ فِي السَّوْدَاءِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِيهَا قَامَتْ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ فَبَيِّنَةُ النِّتَاجِ أَوْلَى وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اللَّبَنِ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ الْجُبْنُ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي صُنِعَ مِنْهُ الْجُبْنُ فِي مِلْكِهِ فَيُقْضَى لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْقَائِمَةَ عَلَى مِلْكِ اللَّبَنِ قَائِمَةٌ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ لَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمِلْكِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ دَعْوَى الْوِلَادَةِ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الْوِلَادَةِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ جِهَتِهِ وَهُنَاكَ يُقْضَى لَهُ كَذَا هَذَا وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ وَصِيَّةً وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوصِي فَإِنَّهُ يُقْضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ مَعَ ذِي الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّتَاجَ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى النِّتَاجَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ يُقْضَى لَهُ إلَّا أَنْ يُعِيدَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ فَيَكُونُ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْمُدَّعِي الثَّانِي فَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةَ مِنْهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَبَيْنَ الْعِتْقِ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى النَّاسِ كَافَّةً وَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ النِّتَاجِ تُوجِبُ الْمِلْكَ بِصِفَةِ الْأَوَّلِيَّةِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْرَارَ كَالْعِتْقِ (وَوَجْهُ) الْفَرْقِ أَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ اسْتِرْقَاقُ الْحُرِّ بِرِضَاهُ وَلَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute