النَّسَبِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُضَارِبُ وَلَدَ جَارِيَةِ الْمُضَارَبَةِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُضَارِبِ رِبْحٌ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِثَبَاتِ النَّسَبِ مِنْ مِلْكٍ وَلَا مِلْكَ لِلْمُضَارِبِ أَصْلًا لَا مِلْكُ الذَّاتِ وَلَا مِلْكُ الْيَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَلَوْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ جَارِيَةٍ لِمَوْلَاهُ لَيْسَ مِنْ تِجَارَتِهِ وَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهَا أَحَلَّهَا لَهُ أَوْ زَوَّجَهَا مِنْهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مِلْكِ الْمَوْلَى لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهِ أَصْلًا فَالْتَحَقَ بِسَائِرِ الْأَجَانِبِ إلَّا فِي الْحَدِّ فَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ عَتَقَ فَمَلَكَ الْجَارِيَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ نَفَذَتْ دَعْوَتُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِجِهَةٍ مُصَحِّحَة لِلنَّسَبِ لَكِنْ تَوَقَّفَ نَفَاذُهُ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَأْذُونُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَوَطِئَهَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَوْ لَا لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ بِالنِّكَاحِ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا وَعَلَى هَذَا دَعْوَةُ الْمُكَاتَبِ وَلَدَ جَارِيَةٍ مِنْ أَكْسَابِهِ صَحِيحَةً لِأَنَّ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ ثَابِتٌ لَهُ كَالْمَأْذُونِ وَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْوَلَدِ وَلَا بَيْعُ الْجَارِيَةِ أَمَّا الْوَلَدُ فَلِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الْأُمُّ فَلِأَنَّهُ لَهُ فِيهَا حَقُّ مِلْكٍ يَنْقَلِبُ ذَلِكَ الْحَقُّ حَقِيقَةً عِنْدَ الْأَدَاءِ فَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهَا وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي النَّسَبَ وَيَسْتَوِي فِي دَعْوَتِهِ الِاسْتِيلَادَ وُجُودُ الْمِلْكِ وَعَدَمُهُ عِنْدَ الدَّعْوَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْعُلُوقُ فِي الْمِلْكِ فَإِنْ كَانَ الْعُلُوقُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ كَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ فَيُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمِلْكِ عِنْدَ الدَّعْوَةِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ فِي مَلَكِ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ التَّصْدِيقِ أَوْ الْبَيِّنَةِ فَنَقُولُ جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الدَّعْوَةَ نَوْعَانِ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ وَدَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَدَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ هِيَ أَنْ يَكُونَ عُلُوقُ الْمُدَّعَى فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْوَطْءِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ عَلِقَ حُرًّا وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ هُوَ أَنْ يَكُونَ عُلُوقُ الْمُدَّعَى فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمُدَّعِي وَهَذِهِ الدَّعْوَةُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ وَلَا تَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْوَطْءِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَقْتَ الْعُلُوقِ وَبَيَانُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي مَسَائِلَ إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِ رَجُلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ حَتَّى بَاعَ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ ثُمَّ ادَّعَى الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَعَتَقَ وَظَهَرَ أَنَّ الْجَارِيَةَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَفِي وَلَدِهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا تَصِحَّ دَعْوَتُهُ وَلَا يَثْبُتَ النَّسَبُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ قِيَامَ الْمِلْكِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَإِذَا كَانَ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ اسْتِحْقَاقِ النَّسَبِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ كَمَا لَا يَحْتَمِلُ حَقِيقَةَ النَّسَبِ فَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَظَهَرَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهَا وَبَيْعُ وَلَدِهَا فَيَرُدُّهَا وَوَلَدَهَا وَيَرُدُّ الثَّمَنَ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِهِ الْبَائِعُ حَتَّى خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ يَفْسَخُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ لَا يَفْسَخُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَنَقُولُ بَيَانُهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْوَلَدَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ رَهْنه أَوْ آجَرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ نَقَضَ ذَلِكَ وَثَبَتَ النَّسَبُ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالنَّقْضَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْأُمَّ أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ زَوَّجَهَا لِمَا قُلْنَا وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهَا أَوْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ إلَّا لِضَرُورَةٍ لِأَنَّهُ يَعْقُبُهُ أَثَرٌ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ وَهُوَ الْوَلَاءُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ قُتِلَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُسْتَغْنٍ عَنْ النَّسَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْوَلَدَ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ مَاتَ عَبْدُهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْأُمَّ أَوْ دَبَّرَهَا دُونَ الْوَلَدِ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ فِي الْوَلَدِ وَلَمْ تَصِحَّ فِي الْأُمِّ وَفُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْوَلَدِ وَلَا يُفْسَخُ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْفَسْخِ خَصَّ الْأُمَّ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ ثَبَاتِ النَّسَبِ بَلْ تَنْفَصِلُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَنْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ الْغَيْرِ بِالنِّكَاحِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِلْحَالِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْوَلَدِ يَرُدُّ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَيُقَسَّم الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ وَلَدًا بِالْوِلَادَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمئِذٍ فَيَسْقُطُ قَدْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ وَيَرُدُّ قَدْرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَتْ قُطِعَتْ يَدُ الْوَلَد عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَسَلَّمَ الْأَرْشَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ وَأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute