للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَطْءَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ حَصَلَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَيُوجِبُ نِصْفَ الْعُقْرِ.

(وَلَنَا) أَنَّ الْإِيلَاجَ الْمُنْزِلَ الْمُعَلَّقَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ إيلَاجٌ وَاحِدٌ فَكَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ اسْتِيلَادًا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَتَقَدَّمَهُ الْمِلْكُ أَوْ يُقَارِنَهُ عَلَى جَارِيَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِنَفْسِهِ فَلَا عُقْرَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ لَمْ يَكُنْ نَصِيبُ الشَّرِيكِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ وَثَبَاتُ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ مِلْكُهُ وَقِيَامُ أَصْلِ الْمِلْكِ يَكْفِي لِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمًا لِلثَّابِتِ فِي نَصِيبِهِ قَضِيَّةً لِلنَّسَبِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَحُكْمُ الشَّيْءِ لَا يَسْبِقُهُ بَلْ يَتَعَقَّبُهُ فَوَطْءُ الْمُدَّعِي صَادَفَ نَصِيبَهُ وَنَصِيبَ شَرِيكِهِ وَلَا مِلْكَ لَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْوَطْءُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ يُوجِبُ الْحَدَّ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَوَجَبَ الْعُقْرُ وَهُنَا التَّمَلُّكُ ثَبَتَ شَرْطًا لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يَكُونُ سَابِقًا عَلَيْهِ أَوْ مُقَارِنًا لَهُ فَالْوَطْءُ صَادَفَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يُوجِبُ الْعُقْرَ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلِقَ حُرًّا وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مَمْلُوكَةً لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْإِعْتَاقِ فَيَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الرِّقِّ وَلَمْ يُوجَدْ وَدَعْوَةُ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَةِ الْأَبِ عِنْدَ انْعِدَامِهِ أَوْ عِنْدَ انْعِدَامِ وِلَايَتِهِ (فَأَمَّا) عِنْدَ قِيَامِ وِلَايَتِهِ فَلَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْجَدُّ نَصْرَانِيًّا وَحَافِدُهُ مِثْلُهُ وَالْأَبُ مُسْلِمٌ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِقِيَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا أَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْأَبِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ مَعْتُوهًا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ صَحَّتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِمَا قُلْنَا فَإِنْ أَفَاقَ ثُمَّ ادَّعَى الْجَدُّ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَفَاقَ فَقَدْ الْتَحَقَ الْعَارِضُ بِالْعَدَمِ مِنْ الْأَصْلِ فَعَادَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ فَسَقَطَتْ وِلَايَةُ الْجَدِّ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُرْتَدًّا فَدَعْوَةُ الْجَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ مَاتَ صَحَّتْ دَعْوَةُ الْجَدِّ وَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ تَصِحَّ لِتَوَقُّفٍ وِلَايَتِهِ عِنْدَهُ كَتَوَقُّفِ تَصَرُّفَاتِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ عِنْدَهُمَا نَافِذَةٌ فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ قَائِمَةً هَذَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ الِابْنِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ (فَأَمَّا) إذَا وَطِئَهَا بِالنِّكَاحِ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُوجِبُ الْفِرَاشَ بِنَفْسِهِ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا وَلَا يَتَمَلَّكُ الْجَارِيَةَ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَلَى مِلْكِ الِابْنِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ لِمَا عُلِمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ عَلَى أَخِيهِ بِالْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِعَقْدِ النِّكَاح لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَبَقِيَتْ الْجَارِيَةُ عَلَى مِلْكِ الِابْنِ وَقَدْ مَلَكَ الِابْنُ أَخَاهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فَإِنْ مَلَكَ الْأَبُ الْجَارِيَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِوُجُودِ سَبَبِ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ وَهُوَ ثَبَاتُ النَّسَبِ إلَّا أَنَّهُ تَوَقَّفَ حُكْمُهُ عَلَى وُجُودِ الْمِلْكِ فَإِذَا مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى الْأَبُ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ فَأَمَّا إذَا ادَّعَى وَلَدَ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَتِهِ بِأَنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ الِابْنُ حَتَّى انْتَفَى نَسَبُهُ مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْأَبُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ فَقَالَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ مِنْ الْأَبِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْعُقْرِ وَالْوَلَاءِ لِلِابْنِ (وَجْهُ) هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ لَا يَقِفُ عَلَى مِلْكِ الْجَارِيَةِ لَا مَحَالَةَ فَإِنْ نَسَبَ وَلَدًا لَأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأَمَةُ مِلْكُ الْمَوْلَى (وَأَمَّا) الْقِيمَةُ؛ فَلِأَنَّهُ وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ عَلِقَ حُرًّا فَأَشْبَهَ وَلَدَ الْمَغْرُورِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِالتَّدْبِيرِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِخِلَافِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِرَاشٌ لِمَوْلَاهَا فَكَانَ الْوَلَدُ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِ الِابْنِ وَالْمَوْلُودُ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ بِالنَّفْيِ كَمَا فِي اللِّعَانِ وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْمِلْكِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ لَا يَحْتَمِلَانِ التَّمَلُّكَ وَيَضْمَنُ الْعُقْرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَمَلَّكْهَا فَقَدْ حَصَلَ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ هَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ فِي الدَّعْوَى بَعْدَمَا نَفَاهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ يَثْبُتُ مِنْ الْمُدَّعِي بِتَصْدِيقِهِ فِي النَّسَبِ فَنَسَبُ وَلَدِ جَارِيَةِ الِابْنِ أَوْلَى وَيُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّ أَخَاهُ مَلَكَهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ مُكَاتَبَةِ ابْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ فَتَنْفُذُ دَعْوَتُهُ؛ لِأَنَّهَا إذَا عَجَزَتْ فَقَدْ عَادَتْ قِنًّا وَجُعِلَ الْمُعَارِضُ كَالْعَدَمِ مِنْ الْأَصْلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَى قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>