لَا تَمْنَعُ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تُمْنَع الْفَسْخَ عِنْدَهُمَا فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَتَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَعِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ فَلَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَة غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ تَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِمَنْ هُمَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ وَهَلَاكُ السِّلْعَةِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْمَوْهُوبِ فِي الْمَكْسُوبِ لَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ إجْمَاعًا فَيَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْعَيْنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَلَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَكَذَا هِيَ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى هَلَاكِ الْعَيْنِ فَلَا تَمْنَعُ التَّحَالُفَ وَإِذَا تَحَالَفَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ دُونَ الزِّيَادَةِ وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا حَدَّثَتْ عَلَى مِلْكِهِ وَتَطِيبُ لَهُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْحِنْثِ فِيهَا هَذَا إذَا تَغَيَّرَتْ السِّلْعَةُ إلَى الزِّيَادَةِ فَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَتْ إلَى النُّقْصَانِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَنَذْكُرُ حُكْمَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَأَمَّا إذَا كَانَتْ هَالِكَةً فَلَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ نَكِل لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ وَلَقَبُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ هَلَاكَ السِّلْعَةِ هَلْ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا يَمْنَعُ وَعِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﵊ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» أَثْبَتَ ﵊ التَّحَالُفَ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَلَا يُقَالُ وَرَدَ هُنَا نَصٌّ خَاصٌّ مُقَيَّدٌ بِحَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِمَا فِي الْحَمْلِ مِنْ ضَرْبِ النُّصُوصِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ بَلْ يَجْرِي الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ فَكَانَ جَرَيَانُ التَّحَالُفِ حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ ثَابِتًا بِنَصَّيْنِ وَحَالُ هَلَاكِهَا ثَابِتًا بِنَصٍّ وَاحِدٍ وَهُوَ النَّصُّ الْمُطْلَقُ وَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا جَمِيعًا وَلَهُمَا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» فَبَقِيَ التَّحَالُفُ وَهُوَ الْحَلِفُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ﵊ أَوْجَبَ جِنْسَ الْيَمِينِ عَلَى جِنْسِ الْمُنْكِرِينَ فَلَوْ وَجَبَتْ يَمِينٌ لَا عَلَى مُنْكِرٍ لَمْ يَكُنْ جِنْسُ الْيَمِينِ عَلَى جِنْسِ الْمُنْكِرِينَ وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ وَالْمُنْكِرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ زِيَادَةَ ثَمَنٍ وَهُوَ يُنْكِرُ فَأَمَّا الْإِنْكَارُ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ؛ فَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ شَيْئًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ التَّحَالُفُ حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ أَيْضًا إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا ذَلِكَ بِنَصٍّ خَاصٍّ مُقَيَّدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» وَهَذَا الْقَيْدُ ثَابِتٌ فِي النَّصِّ الْآخَرِ أَيْضًا دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ ﵊ وَتَرَادَّا وَالتَّرَادُّ لَا يَكُونُ إلَّا حَالَ قِيَامِ السِّلْعَةِ فَبَقِيَ التَّحَالُفُ حَالَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ مُثْبَتًا بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ وَيَسْتَوِي هَلَاكُ كُلِّ السِّلْعَةِ وَبَعْضِهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّحَالُفِ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هَلَاكُ السِّلْعَةِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ فِي قَدْر الْهَالِكِ لَا غَيْرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَمْنَعُ أَصْلًا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَقَبَضَهُمَا ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَتَحَالَفَانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَائِمَ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَحَالَفَانِ عَلَى الْهَالِكِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي حِصَّةِ الْهَالِكِ وَيَتَحَالَفَانِ عَلَى الْقَائِمِ وَيُتَرَادَّانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِمَا وَيَرُدُّ قِيمَةَ الْهَالِكِ أَمَّا مُحَمَّدٌ ﵀ فَقَدْ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ كُلِّ السِّلْعَةِ عِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ التَّحَالُفَ فَهَلَاكُ الْبَعْضِ أَوْلَى وَكَذَلِكَ لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ التَّحَالُفِ هُوَ الْهَلَاكُ فَيَتَقَدَّرُ الْمَنْعُ بِقَدْرِهِ تَقْدِيرًا لِلْحُكْمِ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَنْفِي التَّحَالُفَ بَعْدَ قَبْضِ السِّلْعَةِ لِمَا ذَكَرنَا إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا ذَلِكَ بِنَصٍّ خَاصٍّ وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي حَالِ قِيَامِ كُلِّ السِّلْعَةِ فَبَقِيَ التَّحَالُفُ حَالَ هَلَاكِ بَعْضِهَا مَنْفِيًّا بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ؛ وَلِأَنَّ قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي يُقَابِلُ الْقَائِمَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ فَلَا يَجُوزُ التَّحَالُفُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا شَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَدَّ وَلَا يَأْخُذَ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ شَيْئًا فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كُلُّهُ بِمُقَابِلَةِ الْقَائِمِ فَيَخْرُجُ الْهَالِكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute