الْكُلَّ دَيْنًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك جَارِيَتِي بِعَبْدِك هَذَا وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت جَارِيَتَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ وَهُوَ الْجَارِيَةُ قَائِمًا تَحَالَفَا بِالنَّصِّ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ.
وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْبَعْضَ عَيْنًا وَالْبَعْضَ دَيْنًا وَالْبَائِعُ يَدَّعِي الْكُلَّ دَيْنًا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك جَارِيَتَك بِعَبْدِي هَذَا وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك جَارِيَتِي هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ قَائِمَةً تَحَالَفَا وَتَرَادَّا بِالنَّصِّ وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يَتَحَالَفَانِ أَيْضًا إجْمَاعًا إلَّا أَنَّ عِنْدَهُمَا تُقَسَّمُ الْجَارِيَةُ عَلَى قِيمَة الْعَبْدِ وَعَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَمَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعَيْنِ وَهُوَ الْعَبْدُ وَذَلِكَ ثُلُثُ الْجَارِيَةِ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ وَمَا كَانَ بِإِزَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْأَلْفُ وَذَلِكَ ثُلُثَا الْجَارِيَةِ يَرُدُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَا يَرُدُّ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ كَانَ يَدَّعِي كُلَّ الثَّمَنِ عَيْنًا كَانَا يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ عَلَى مَا ذَكَرنَا وَلَوْ كَانَ كُلُّ الثَّمَنِ دَيْنًا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا يَتَحَالَفَانِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِذَا كَانَ يَدَّعِي بَعْضَ الثَّمَنِ عَيْنًا وَبَعْضَهُ دَيْنًا يَرُدُّ الْقِيمَةَ بِإِزَاءِ الْعَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِإِزَاءِ الدَّيْنِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ.
فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ وَهُوَ الْأَجَلُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ فَنَقُولُ هَذَا لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ وَإِمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَإِمَّا أَنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ وَإِمَّا أَنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَمُضِيِّهِ جَمِيعًا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ أَمْرٌ يُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوُجُودِهِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّمَنِ هُوَ الْحُلُولُ وَالتَّأْجِيلُ عَارِضٌ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْأَصْلَ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِهِ وَقَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صَارَ حَقًّا لَهُ بِتَصَادُقِهِمَا فَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ وَالْمُضِيِّ جَمِيعًا فَقَالَ الْبَائِعُ الْأَجَلُ شَهْرٌ وَقَدْ مَضَى وَقَالَ الْمُشْتَرِي شَهْرَانِ وَلَمْ يَمْضِيَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْقَدْرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُضِيِّ فَيُجْعَلُ الْأَجَلُ شَهْرًا لَمْ يَمْضِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلْبَائِعِ فِي الْقَدْرِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الْمُضِيِّ عَلَى مَا مَرَّ هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَأَمَّا إذَا هَلَكَ الْعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا أَوْ الْحَيُّ مِنْهُمَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ فَكَانَ قَبْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَارِثِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ مِنْهُ فَيَجْرِي بَيْنَهُمَا التَّحَالُفُ إلَّا أَنَّ الْوَارِثَ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ مَقْبُوضَةً فَلَا تَحَالُفَ عِنْدَهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَوْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَالَفَانِ وَالْأَصْلُ أَنَّ هَلَاكَ الْعَاقِدِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهَلَاكُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ عِنْدَهُمَا فَكَذَا هَلَاكُ الْعَاقِدِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّحَالُفِ كَذَا هَذَا وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمَشْهُورَ يَمْنَعُ مِنْ التَّحَالُفِ لَكُنَّا عَرَفْنَاهُ بِنَصٍّ خَاصٍّ حَالَ قِيَامِ الْعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَحَالُفَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَالْمُتَبَايِعُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ فِعْلُ الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْوَارِثِ حَقِيقَةً فَبَقِيَ التَّحَالُفُ بَعْدَ هَلَاكِهِمَا أَوْ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا مَنْفِيًّا بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ.
أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ فَنَقُولُ لَا يَخْلُو الْمَبِيعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ مَعَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا لِقَوْلِهِ ﵊ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» .
وَإِنْ كَانَ دَيْنًا وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ فَاخْتَلَفَا فَنَقُولُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْأَصْلِ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (إمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى رَأْس الْمَالِ (فَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ إيفَائِهِ (وَإِمَّا) إنْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ وَهُوَ الْأَجَلُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُوجِبُ التَّحَالُفَ بِالنَّصِّ.
وَاَلَّذِي يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ هُوَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ هُوَ رَبُّ السَّلَمِ (وَجْهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute