للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدَالَتُهُ؛؛ لِأَنَّ السُّكْرَ مِنْهُ حَرَامٌ، وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الشُّرْبِ وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَشْرَبُ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْفِسْقِ فِسْقٌ.

وَلَا عَدَالَةَ لِلنَّائِحِ وَالنَّائِحَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا مَحْظُورٌ، وَأَمَّا الْمُغَنِّي فَإِنْ كَانَ يَجْتَمِعُ النَّاسُ عَلَيْهِ لِلْفِسْقِ بِصَوْتِهِ، فَلَا عَدَالَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ لَا يَشْرَبُ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ الْفَسَقَةِ، وَإِنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ نَفْسِهِ لِدَفْعِ الْوَحْشَةِ، لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ مِمَّا يُرَقِّقُ الْقُلُوبَ لَكِنْ لَا يَحِلُّ الْفِسْقُ بِهِ.

وَأَمَّا الَّذِي يَضْرِبُ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَشْنَعًا كَالْقَصَبِ وَالدُّفِّ وَنَحْوِهِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَشْنَعًا كَالْعُودِ وَنَحْوِهِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.

وَاَلَّذِي يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ فَإِنْ كَانَ لَا يُطَيِّرُهَا لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يُطَيِّرُهَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ؛؛ لِأَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، وَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ الصَّلَاةِ وَالطَّاعَاتِ، وَمَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ فَلَا عَدَالَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَيَعْتَادُهُ فَلَا عَدَالَةَ لَهُ، وَإِنْ أَبَاحَهُ بَعْضُ النَّاسِ لِتَشْحِيذِ الْخَاطِرِ وَتَعَلُّمِ أَمْرِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عِنْدَنَا لِكَوْنِهِ لَعِبًا قَالَ «كُلُّ لَعِبٍ حَرَامٌ إلَّا مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَرَمْيَهُ عَنْ قَوْسِهِ» وَكَذَلِكَ إذَا اعْتَادَ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالطَّاعَاتِ، فَإِنْ كَانَ يَفْعَلُهُ أَحْيَانًا وَلَا يُقَامِرُ بِهِ لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ.

وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ؛؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرِيضَةٌ، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَاتِ اسْتِخْفَافًا بِهَا وَهَوَانًا بِتَرْكِهَا فَلَا عَدَالَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَ تَرَكَهَا عَنْ تَأْوِيلٍ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ مَرْضِيٍّ عِنْدَهُ، لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ يَفْجُرُ بِالنِّسَاءِ، أَوْ يَعْمَلُ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَا لِلسَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْمُتَلَصِّصِ وَقَاذِفِ الْمُحْصَنَاتِ وَقَاتِلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ وَآكِلِ الرِّبَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ رُءُوسِ الْكَبَائِرِ.

وَلَا عَدَالَةَ لِلْمُخَنَّثِ؛؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَعَمَلَهُ كَبِيرَةٌ، وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ يَكْتَسِبُ الدَّرَاهِمَ، مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ؛؛ لِأَنَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَشْهَدَ زُورًا طَمَعًا فِي الْمَالِ، وَالْمَعْرُوفُ بِالْكَذِبِ لَا عَدَالَةَ لَهُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ؛؛ لِأَنَّ مَنْ صَارَ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ وَاشْتُهِرَ بِهِ لَا يُعْرَفُ صِدْقُهُ فِي تَوْبَتِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ إذَا تَابَ عَنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا مَنْ وَقَعَ فِي الْكَذِبِ سَهْوًا وَابْتُلِيَ بِهِ مَرَّةً ثُمَّ تَابَ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَخْلُو مُسْلِمٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْ مُنِعَ الْقَبُولُ لَانْسَدَّ بَابُ الشَّهَادَةِ.

وَأَمَّا الْأَقْلَفُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ الْخِتَانَ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ لِعُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ إسْلَامَهُ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْكِبَرِ فَيَجُوزُ أَنَّهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ وَلَمْ يَخْتَتِنْ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَالْفَاسِقِ وَاَلَّذِي يَرْتَكِبُ الْمَعَاصِيَ: أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَسْتَيْقِنُ كَوْنَهُ فَاسِقًا فِي تِلْكَ الْحَالِ.

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا كَانَ عَدْلًا لِعُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ؛؛ لِأَنَّ زِنَا الْوَالِدَيْنِ لَا يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ لِقَوْلِهِ ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] وَمَا رُوِيَ عَنْهُ «وَلَدُ الزِّنَا أَسْوَأُ الثَّلَاثَةِ» فَذَا فِي وَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْخَصِيِّ لِعُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ، وَرُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَةَ عَلْقَمَةَ الْخَصِيِّ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؛؛ وَلِأَنَّ الْخِصَاءَ لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ.

وَأَمَّا شَهَادَةُ صَاحِبِ الْهَوَى إذَا كَانَ عَدْلًا فِي هَوَاهُ وَدِينِهِ، نُظِرَ فِي ذَلِكَ، إنْ كَانَ هَوًى يُكَفِّرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُكَفِّرُهُ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْعَصَبِيَّةِ وَصَاحِبُ الدَّعْوَةِ إلَى هَوَاهُ، أَوْ كَانَ فِيهِ مَجَانَةٌ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا؛؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَصَبِيَّةِ وَالدَّعْوَةِ لَا يُبَالِي مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّزْوِيرِ لِتَرْوِيجِ هَوَاهُ، فَكَانَ فَاسِقًا فِيهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِيهِ مَجَانَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَاجِنَ لَا يُبَالِي مِنْ الْكَذِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ عَدْلٌ فِي هَوَاهُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَوَاهُ يَزْجُرُهُ عَنْ الْكَذِبِ.

، إلَّا صِنْفٌ مِنْ الرَّافِضَةِ يُسَمَّوْنَ بِالْخَطَّابِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ؛؛ لِأَنَّ مِنْ نِحْلَتِهِمْ أَنَّهُ تَحِلُّ الشَّهَادَةُ لِمَنْ يُوَافِقُهُمْ عَلَى مَنْ يُخَالِفُهُمْ، وَقِيلَ مِنْ نِحْلَتِهِمْ أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَمْرًا مِنْ الْأُمُورِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ فَيَشْهَدُونَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مَذْهَبَهُمْ فَلَا تَخْلُو شَهَادَتُهُمْ عَنْ الْكَذِبِ.

وَكَذَا لَا عَدَالَةَ لِأَهْلِ الْإِلْهَامِ؛؛ لِأَنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِالْإِلْهَامِ، فَيَشْهَدُونَ لِمَنْ يَقَعُ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ الْكَذِبِ.

وَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ يُظْهِرُ شَتِيمَةَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّ شَتِيمَةَ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ مُسْقِطَةٌ لِلْعَدَالَةِ، فَشَتِيمَتُهُمْ أَوْلَى.

وَلَا عَدَالَةَ لِصَاحِبِ الْمَعْصِيَةِ لِقَوْلِهِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ» وَقَالَ: «مَنْ مَاتَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ كَحِمَارٍ نَزَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>