للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْغَصْبِ إلَّا مَوْصُولًا (وَوَجْهُ) الْفَرْقِ لَهُ أَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مُبَادَلَةٌ إذَا الْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ فَأَشْبَهَ ضَمَانَ الْمَبِيعِ وَهُوَ الثَّمَنُ، وَفِي بَابِ الْبَيْعِ لَا يُصَدَّقُ إذَا فَصَلَ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْغَصْبِ (فَأَمَّا) الْوَاجِبُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ الْحِفْظُ، وَالْمَعِيبُ فِي احْتِمَالِ الْحِفْظِ كَالسَّلِيمِ فَهُوَ الْفَرْقُ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ هَذَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ هِيَ زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ فَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهَا وَقَالَ هِيَ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ يُصَدَّقُ إنْ وَصَلَ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ السَّتُّوقَ وَالرَّصَاصَ لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ إلَّا أَنَّهُ يُسَمَّى بِهَا مَجَازًا فَكَانَ الْإِخْبَارُ عَنْ ذَلِكَ بَيَانًا مُغَيِّرًا فَيَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا كَالِاسْتِثْنَاءِ (وَأَمَّا) فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ: ابْتَعْتُ بِأَلْفِ سَتُّوقَةٍ أَوْ رَصَاصٍ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَصَلَ أَوْ وَصَلَ وَهَذَا لَا يُشْكِلُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: ابْتَعْتُ بِأَلْفٍ زُيُوفٍ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُ، وَصَلَ أَوْ فَصَلَ، فَهَهُنَا أَوْلَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُصَدَّقُ وَلَكِنْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَمَّا التَّصْدِيقُ فَلِأَنَّ قَوْلَهُ سَتُّوقَةٌ أَوْ رَصَاصٌ خَرَجَ بَيَانًا لِوَصْفِ الثَّمَنِ فَيَصِحُّ، كَمَا إذَا قَالَ بِأَلْفٍ بِيضٍ أَوْ بِأَلْفٍ سُودٍ (وَأَمَّا) فَسَادُ الْبَيْعِ فَلِأَنَّ تَسْمِيَةَ السَّتُّوقَةِ فِي الْبَيْعِ يُوجِبُ فَسَادَهُ كَتَسْمِيَةِ الْعُرُوضِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٌ زُيُوفٌ أَوْ وَضَحٌ زُيُوفٌ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا وَصَلَ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ جِيَادٌ زُيُوفٌ أَوْ نَقْدُ بَيْتِ الْمَالِ زُيُوفٌ لَا يُصَدَّقُ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ يَحْتَمِلُ الْجُودَةَ وَالزِّيَافَةَ إذْ الْبِيضُ قَدْ تَكُونُ جِيَادًا وَقَدْ تَكُونُ زُيُوفًا فَاحْتَمَلَ الْبَيَانَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ جِيَادٌ؛ لِأَنَّ الْجُودَةَ لَا تَحْتَمِلُ الزِّيَافَةَ لِتَضَادٍّ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ فَلَا يُصَدَّقُ أَصْلًا وَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ ذَكَرَ عَبْدًا مُعَيَّنًا مُشَارًا إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: ثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ وَإِمَّا إنْ ذَكَرَ عَبْدًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ بِأَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنِ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ ذَكَرَا عَبْدًا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْبَيْعِ يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ الْأَلْفَ فَسَلِّمْ الْعَبْدَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَقَدْ ثَبَتَ الْبَيْعُ بِتَصَادُقِهِمَا وَالْبَيْعُ يَقْتَضِي تَسْلِيمًا بِإِزَاءِ تَسْلِيمٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ: مَا بِعْتُ مِنْكَ شَيْئًا وَالْعَبْدُ عَبْدِي وَلِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَالْعَبْدُ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَهُوَ يُنْكِرُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ لَا غَيْرُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فَإِنْ ذَكَرَ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ سَوَاءٌ وَصَلَ أَمْ فَصَلَ، صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ كَذَّبَهُ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ أَوَّلًا يَقُولُ إنْ وَصَلَ يُصَدَّقُ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ يُسْأَلُ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْجِهَةِ فَإِنْ صَدَّقَهُ فِيهَا لَكِنْ كَذَّبَهُ فِي الْقَبْضِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ، سَوَاءٌ وَصَلَ أَوْ فَصَلَ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْبَيْعِ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا أُخْرَى إنْ وَصَلَ يُصَدَّقْ وَإِنْ فَصَلَ لَا يُصَدَّقْ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (وَجْهُ) قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ، وَالْمَبِيعُ قَدْ يَكُونُ مَقْبُوضًا وَقَدْ لَا يَكُونُ إلَّا أَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْقَبْضُ فَكَانَ قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ بَيَانًا فِيهِ مَعْنَى التَّغْيِيرِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَيُصَدَّقُ بِشَرْطِ الْوَصْلِ كَالِاسْتِثْنَاءِ (وَجْهُ) قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَبْضَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْجِهَةِ بِتَصَادُقِهِمَا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَا يَلْزَمُ فِي الْبَيْعِ فَكَانَ قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ تَعْيِينًا لِبَعْضِ مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ فَكَانَ بَيَانًا مَحْضًا فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْوَصْلُ لِبَيَانِ الْمُجْمَلِ وَالْمُشْتَرَكِ، وَإِذَا كَذَّبَهُ يُشْتَرَطُ الْوَصْلُ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِلْمَالِ، فَإِذَا قَالَ: ثَمَنُ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ فَكَانَ بَيَانًا فِيهِ مَعْنَى التَّغْيِيرِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ الْوَصْلِ كَالِاسْتِثْنَاءِ (وَوَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَقْبِضْهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ، بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إقْرَارٌ بِوِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْأَلْفِ وَلَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ إلَّا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَكَانَ الْإِقْرَارُ بِهِ إقْرَارًا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ، فَقَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ يَكُونُ رُجُوعًا عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِ لَا تَحْتَمِلُهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَصْلًا (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ قَوْلَهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إقْرَارٌ بِأَلْفٍ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَوْلُهُ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ إبْطَالٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُسْلِمِ لَا تَحْتَمِلُ ثَمَنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَكَانَ رُجُوعًا فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَكِنِّي لَمْ أَقْبِضْهُ يُصَدَّقُ، وَصَلَ أَوْ فَصَلَ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>