وَلَا أَرْشَ مُقَدَّرٌ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَا جَمَالَ فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيهِمَا، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَفِي حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ حُكْمُ عَدْلٍ دُونَ مَا فِي ثَدْيَيْهِ لِمَا قُلْنَا، وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ تَبَعٌ لِلْحَلَمَةِ حَتَّى لَوْ قَطَعَ الْحَلَمَةَ ثُمَّ الثَّدْيَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبُرْءِ لَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْحَلَمَةِ وَالْحُكُومَةُ فِي الثَّدْيِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الثَّدْيِ الرَّضَاعُ وَذَلِكَ يَبْطُلُ بِقَطْعِ الْحَلَمَةِ.
وَكَذَلِكَ الْأَنْفُ مَعَ الْمَارِنِ حَتَّى لَوْ قَطَعَ الْمَارِنَ دُونَ الْأَنْفِ تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَلَوْ قَطَعَ مَعَ الْمَارِنِ لَا تَجِبُ إلَّا دِيَةٌ.
وَاحِدَةٌ.
وَلَوْ قَطَعَ الْمَارِنَ ثُمَّ الْأَنْفَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبُرْءِ تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ، وَفِي الْأَنْفِ الْحُكُومَةُ، وَكَذَلِكَ الْجَفْنُ مَعَ الْأَشْفَارِ حَتَّى لَوْ قَطَعَ الشَّفْرَ بِدُونِ الْجَفْنِ يَجِبُ الْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ.
وَلَوْ قَطَعَ الْجَفْنَ مَعَهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ الْأَرْشُ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَلَوْ قَطَعَ الشَّفْرَ ثُمَّ الْجَفْنَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبُرْءِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ يَجِبُ فِي الشَّفْرِ أَرْشُهُ.
وَفِي الْجَفْنِ الْحُكُومَةُ لِأَنَّهُ قَطَعَ الشَّفْرَ وَهُوَ كَامِلُ الْمَنْفَعَةِ، وَقَطَعَ الْجَفْنَ وَهُوَ نَاقِصُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجِبُ إلَّا الْأَرْشُ النَّاقِصُ، وَهُوَ الْحُكُومَةُ وَلَوْ قَطَعَ أَنْفًا مَقْطُوعَ الْأَرْنَبَةِ فَفِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَنْفِ الْجَمَالُ، وَقَدْ نَقَصَ جَمَالُهُ بِقَطْعِ الْأَرْنَبَةِ فَيَنْتَقِصُ أَرْشُهُ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ كَفًّا مَقْطُوعَةَ الْأَصَابِعِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَفِّ الْبَطْشُ وَأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْأَصَابِعِ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ ذَكَرًا مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الذَّكَرِ تَزُولُ بِزَوَالِهَا فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ أَرْشٍ مُقَدَّرٍ، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ (وَلَوْ) قَطَعَ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا مَعًا بِأَنْ قَطَعَهُمَا مِنْ جَانِبٍ عَرْضًا يَجِبُ دِيَتَانِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَنْفَعَةَ الْجِمَاعِ بِقَطْعِ الذَّكَرِ وَمَنْفَعَةَ الْإِنْزَالِ بِقَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَدْ وُجِدَ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ فِي قَطْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ قَطَعَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ بِأَنْ قَطَعَهُمَا طُولًا فَإِنْ قَطَعَ الذَّكَرَ أَوَّلًا تَجِبُ دِيَتَانِ أَيْضًا: دِيَةٌ بِقَطْعِ الذَّكَرِ لِوُجُودِ تَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ، وَدِيَةٌ بِقَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ بِقَطْعِ الذَّكَرِ لَا تَنْقَطِعُ مَنْفَعَةُ الْأُنْثَيَيْنِ وَهُوَ الْإِنْزَالُ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ يَتَحَقَّقُ مَعَ عَدَمِ الذَّكَرِ، وَإِنْ بَدَأَ بِقَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ الذَّكَرِ فَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ، وَفِي الذَّكَرِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأُنْثَيَيْنِ كَانَتْ كَامِلَةً وَقْتَ قَطْعِهِمَا، وَمَنْفَعَةُ الذَّكَرِ تَفُوتُ بِقَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِنْزَالُ بَعْدَ قَطْعِ الْأُنْثَيَيْنِ فَنَقَصَ أَرْشُهُ وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ فَنَبَتَ أَبْيَضَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ (وَقَالَ) أَبُو يُوسُفَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَفِيهِ مَا نَقَصَ (وَجْهُ) قَوْلِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّعْرِ الزِّينَةُ، وَالزِّينَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأَحْرَارِ، وَلَا زِينَةَ فِي الشَّعْرِ الْأَبْيَضِ فَلَا يَقُومُ النَّابِتُ مَقَامَ الْفَائِتِ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشَّيْبَ فِي الْأَحْرَارِ لَيْسَ بِعَيْبٍ بَلْ هُوَ جَمَالٌ وَكَمَالٌ فَلَا يَجِبُ بِهِ أَرْشٌ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ فَإِنَّ الشَّيْبَ فِيهِمْ عَيْبٌ أَلَا يَرَى أَنَّهُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْجَانِي؟ .
وَفِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الشِّجَاجِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ: مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ خُدُوشٌ فِيهَا حُكْمُ عَدْلٍ (وَكَذَلِكَ) رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَالشَّرْعُ مَا وَرَدَ فِيهِ بِأَرْشٍ مُقَدَّرٍ فَتَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَالْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمُتَلَاحِمَةِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعْنَى بَلْ إلَى الِاسْمِ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْبَاضِعَةِ أَقَلَّ مِنْهَا أَرْشًا.
وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ أَرْشُ الشَّجَّةِ الَّتِي ذَهَبَتْ فِي اللَّحْمِ أَكْثَرَ مِمَّا ذَهَبَتْ الْبَاضِعَةُ زَائِدًا عَلَى أَرْشِ الْبَاضِعَةِ فَكَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي الْعِبَارَةِ.
وَفِيمَا سِوَى الْجَائِفَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي فِي الْبَدَنِ إذَا انْدَمَلَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَا شَيْءَ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيهِ أَرْشُ الْأَلَمِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ وَإِنْ بَقِيَ لَهَا أَثَرٌ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَكَذَا فِي شَعْرِ سَائِرِ الْبَدَنِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَإِنْ نَبَتَ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
(وَأَمَّا) تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا يُقَوَّمُ الْعَبْدُ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ وَغَيْرَ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ نُقْصَانُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا فَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ ﵀ أَنَّهُ يُقَوَّمُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَلَا جِنَايَةَ بِهِ، وَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ فَيُنْظَرُ كَمْ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَعَلَيْهِ الْقَدْرُ مِنْ الدِّيَةِ (وَقَالَ) الْكَرْخِيُّ ﵀ تُقَرَّبُ هَذِهِ الْجِنَايَةُ إلَى أَقْرَبِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَيَنْظُرُ ذَوَا عَدْلٍ مِنْ أَطِبَّاءِ الْجِرَاحَاتِ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ هَهُنَا فِي قِلَّةِ الْجِرَاحَاتِ وَكَثْرَتِهَا بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ فَيَأْخُذُ الْقَاضِي بِقَوْلِهِمَا وَيَحْكُمُ مِنْ