بَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَالْعَصَبَةِ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَحَقَّ الْعَصَبَةِ فِي سَهْمٍ فَيَكُونُ حَقُّهَا ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ حَقِّ الْعَصَبَةِ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْكَسْرِ فَاجْعَلْ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ فَاضْرِبْ أَصْلَ الْحِسَابِ فِي أَرْبَعَةٍ فَتَكُونُ مِائَةً وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ مِنْهَا تُخَرَّجُ السِّهَامُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَهُوَ رُبْعُ مَا خَرَّجَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ.
وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ، وَبِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ، فَالْفَرِيضَةُ مِنْ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَالنَّصِيبُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَثُلُثُ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَطَرِيقُهُ أَنْ تَجْعَلَ كَأَنَّ عَدَدَ الْوَرَثَةِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ السِّهَامَ ثَمَانِيَةٌ فَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ، فَزِدْ عَلَيْهِ سَهْمًا فَتَصِيرُ تِسْعَةً ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَتَصِيرُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ اطْرَحْ مِنْهَا سَهْمًا فَيَبْقَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ فَهَذَا ثُلُثُ الْمَالِ، وَجَمِيعُ الْمَالِ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ، وَالنَّصِيبُ سَهْمٌ مَضْرُوبٌ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ فَتَصِيرُ تِسْعَةً ثُمَّ اطْرَحْ مِنْهَا سَهْمًا فَيَبْقَى ثَمَانِيَةٌ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى سِتَّةٌ فَيَبْقَى اثْنَا عَشَرَ ضُمَّهَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَخَمْسُونَ فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً وَسِتِّينَ لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَتَبَيَّنَ أَنَّكَ.
أَعْطَيْت لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِهَا مِثْلَ نَصِيبِهَا ثَمَانِيَةً فَيَبْقَى سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ لَا تَسْتَقِيمُ بَيْنَ الْأُمِّ، وَالْبِنْتَيْنِ، وَالْعَصَبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ.
وَلَيْسَ لَهَا ثُلُثٌ صَحِيحٌ، وَلِلْأُمِّ سُدُسُهَا، وَلَيْسَ لَهَا سُدُسٌ صَحِيحٌ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّ بَيْنَ مُخْرَجِ السُّدُسِ وَحِسَابِنَا مُوَافَقَةٌ بِنِصْفٍ، وَنِصْفٍ، فَاضْرِبْ أَحَدَهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ فِي ثَلَاثَةٍ، فَيَبْلُغُ الْحِسَابُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ فِي الْحِسَابِ الْأَوَّلِ صَارَ لَهُ ثَلَاثَةٌ فِي الْحِسَابِ الثَّانِي، كَانَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي ثَمَانِيَةٍ فَصَارَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَحَقُّ الْبِنْتَيْنِ فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَحَقُّ الْأُمِّ فِي عَشَرَةٍ، وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ، فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَحَقُّ الْعَصَبَةِ فِي دِرْهَمَيْنِ، وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ مَضْرُوب فِي ثَلَاثَةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسَةُ بَنِينَ فَأَوْصَى لِأَحَدِهِمْ بِكَمَالِ الرُّبُعِ، بِنَصِيبِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَأَجَازُوا، فَالْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ النَّصِيبُ اثْنَانِ، وَتَكْمِلَةُ الرُّبْعِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَثُلُثُ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَتَفَاوُتُ مَا بَيْنَ نَصِيبِهِ، وَالرُّبْعِ سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَهُنَا وَصِيَّةٌ لِأَجْنَبِيٍّ لَكَانَ لَهُ الرُّبْعُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْبَنِينَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَاعًا فَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ رُبْعٌ، وَلِبَاقِيهِ رُبْعٌ، وَأَقَلُّهُ سِتَّةَ عَشَرَ فَيُعْطَى لَهُ رُبْعُ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْبَنِينَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَاعًا لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةٌ، وَلَهُ أَرْبَعَةٌ فَتَبَيَّنَّ أَنَّهُ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا سَهْمًا.
فَإِذَا أَوْصَى لِغَيْرِهِ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ فَخُذْ حِسَابًا لَهُ ثُلُثٌ، وَرُبْعٌ، وَأَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَ فَثُلُثُهُ أَرْبَعَةٌ، وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ فَأَعْطِ لِلْمُوصَى لَهُ بِكَمَالِ الرُّبْعِ سَهْمَانِ، وَلِلْآخَرِ سَهْمًا؛ لِأَنَّ ثُلُثَ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ كَمَالِ الرُّبْعِ سَهْمٌ بَقِيَ اثْنَانِ ضُمَّهُمَا إلَى ثُلُثَيْ الْمَالِ فَتَصِيرُ بَيْنَ الْبَنِينَ الْخَمْسَةِ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ.
(فَتَبَيَّنَّ) أَنَّا إذَا أَعْطَيْنَا لَهُ رُبْعَ الْمَالِ فَنَصِيبُهُ بِنَصِيبِهِ سَهْمَانِ مِثْلُ مَا أَصَابَ هَؤُلَاءِ، وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
(وَمِنْهَا) التَّقْدِيرُ بِثُلُثِ الْمَالِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ، وَلَمْ يُجِزْ الزِّيَادَةَ، فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، وَالْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الشَّرْطِ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ ﵁ أَنَّهُ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أُوصِي بِجَمِيعِ مَالِي؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: فَبِثُلُثَيْهِ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: فَبِنِصْفِهِ؟ قَالَ ﵊: لَا، قَالَ: فَبِثُلُثِهِ؟ فَقَالَ ﵊: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إنَّك إنْ تَدَعْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ، وَقَوْلُهُ ﵊: «إنَّ اللَّهَ ﵎ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ آخِرَ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ» ؛ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَالِ إيجَابُ الْمِلْكِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ حَقُّ الْوَرَثَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ إلَّا فِي قَدْرِ الثُّلُثِ، فَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ تَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ مُضَافٌ إلَى زَمَانِ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ الْمَوْتِ لَا وَقْتُ وُجُودِ الْكَلَامِ.
وَاعْتِبَارُهَا وَقْتَ الْمَوْتِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهَا مِنْ الثُّلُثِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَقْتُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِالتَّرِكَةِ، إذْ الْمَوْتُ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَدِّمَةِ مَرَضٍ، وَحَقُّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَّا فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ الثُّلُثُ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَاكَ وَقْتَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا تَجُوزُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إيجَابُ الْمِلْكِ