يَدَهُ عَلَى فِيهِ» ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُغَطِّيَ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ فِي التَّغْطِيَةِ مَنْعًا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَطَّى بِيَدِهِ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةَ الْيَدِ، وَقَدْ قَالَ ﷺ: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ»
وَلَوْ غَطَّاهُ بِثَوْبٍ فَقَدْ تَشَبَّهَ بِالْمَجُوسِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَلَثَّمُونَ فِي عِبَادَتِهِمْ النَّارَ وَالنَّبِيُّ ﷺ «نَهَى عَنْ التَّلَثُّمِ فِي الصَّلَاةِ» إلَّا إذَا كَانَتْ التَّغْطِيَةُ لِدَفْعِ التَّثَاؤُبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَا مَرَّ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُفَّ ثَوْبَهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَأَنْ لَا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا أَكْفِتَ شَعْرًا» ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ وَضْعِ الْيَدِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَاقِصًا شَعْرَهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ رَأَى «الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ﵄ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ فَحَلَّ الْعُقْدَةَ فَنَظَرَ إلَيْهِ الْحَسَنُ مُغْضَبًا فَقَالَ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تَغْضَبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ ذَاكَ كِفْلُ الشَّيْطَانِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ، وَالْعَقْصُ أَنْ يَشُدَّ الشَّعْرَ ضَفِيرَةً حَوْلَ رَأْسِهِ كَمَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ أَوْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ فَيَعْقِدَهُ فِي مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَجِرًا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الِاعْتِجَارِ» ، وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الِاعْتِجَارِ قِيلَ: هُوَ أَنْ يَشُدَّ حَوَالَيْ رَأْسِهِ بِالْمِنْدِيلِ وَيَتْرُكَهَا مِنْهُ وَهُوَ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَلُفَّ شَعْرَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِمِنْدِيلٍ فَيَصِيرُ كَالْعَاقِصِ شَعْرَهُ وَالْعَقْصُ مَكْرُوهٌ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَكُونُ الِاعْتِجَارُ إلَّا مَعَ تَنَقُّبٍ وَهُوَ أَنْ يَلُفَّ بَعْضَ الْعِمَامَةِ عَلَى رَأْسِهِ وَيَجْعَلَ طَرَفًا مِنْهَا عَلَى وَجْهِهِ كَمُعْتَجَرِ النِّسَاءِ إمَّا لِأَجْلِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ أَوْ لِلتَّكَبُّرِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَغْمِيضِ الْعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَرْمِيَ بِبَصَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَفِي التَّغْمِيضِ تَرْكُ هَذِهِ السُّنَّةِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ وَطَرَفٍ ذُو حَظٍّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَكَذَا الْعَيْنُ، وَلَا يُرَوِّحُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ سُنَّةِ وَضْعِ الْيَدِ وِتْرِكِ الْخُشُوعِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْزُقَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْحَصَى أَوْ يَتَمَخَّطَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «إنَّ الْمَسْجِدَ لَيَنْزَوِي مِنْ النُّخَامَةِ كَمَا تَنْزَوِي الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِتَنْفِيرِ النَّاسِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ وَلِأَنَّ النُّخَامَةَ وَالْمُخَاطَ مِمَّا يُسْتَقْذَرُ طَبْعًا وَإِذَا عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الْمَسْجِدِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ وَلَوْ دَفَنَهُ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ الْحَصِيرِ يُرَخَّصُ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «رَخَّصَ فِي دَفْنِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ» ؛ وَلِأَنَّهُ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ طَبْعًا فَإِذَا دُفِنَ لَا يُسْتَقْذَرُ وَلَا يُؤَدِّي إلَى التَّنْفِيرِ وَالرَّفْعُ أَوْلَى تَنْزِيهًا لِلْمَسْجِدِ عَمَّا يَنْزَوِي مِنْهُ.
وَيُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كُرِهَ فِي الْفَرْضِ وَرُخِّصَ فِي التَّطَوُّعِ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْعَدَّ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِمُرَاعَاةِ السُّنَّةِ وَفِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ وَعَدَدِ التَّسْبِيحِ خُصُوصًا فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ الَّتِي تَوَارَثَتْهَا الْأُمَّةُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِي الْعَدِّ بِالْيَدِ تَرْكًا لِسُنَّةِ الْيَدِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ إنْ لَمْ يُفْسِدْ الصَّلَاةَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُوجِبَ الْكَرَاهَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْعَدِّ بِالْيَدِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعُدَّ خَارِجَ الصَّلَاةِ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ وَيُعَيِّنُ ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ أَوْ يَعُدُّ بِقَلْبِهِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَلَى دُكَّانٍ وَالْقَوْمُ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَالْجُمْلَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى الدُّكَّانِ وَالْقَوْمُ أَسْفَلَ مِنْهُ أَوْ كَانَ الْقَوْمُ عَلَى الدُّكَّانِ وَالْإِمَامُ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ مَعَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ أَوْ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَلَى الدُّكَّانِ وَالْقَوْمُ أَسْفَلَ مِنْهُ يُكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَكَانُ قَدْرَ قَامَةِ الرَّجُلِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْقَامَةَ؛ لِأَنَّ فِي الْأَرْضِ هُبُوطًا وَصُعُودًا وَقَلِيلُ الِارْتِفَاعِ عَفْوٌ وَالْكَثِيرُ لَيْسَ بِعَفْوٍ فَجَعَلْنَا الْحَدَّ الْفَاصِلَ مَا يُجَاوِزُ الْقَامَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا كَانَ دُونَ الْقَامَةِ لَا يُكْرَهُ، وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَامَ بِالْمَدَائِنِ لِيُصْلِيَ بِالنَّاسِ عَلَى دُكَّانٍ فَجَذَبَهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ثُمَّ قَالَ: مَا الَّذِي أَصَابَكَ؟ أَطَالَ الْعَهْدُ أَمْ نَسِيتَ؟ أَمَا سَمِعْت رَسُولُ وَلَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَقُومُ الْإِمَامُ عَلَى مَكَان أَنْشَزَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ؟» وَفِي رِوَايَةٍ أَمَا عَلِمْت أَنَّ أَصْحَابَكَ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ