للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِدْ فَلْيَخُطَّ بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا» وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ غَرِيبٌ وَرَدَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا نَأْخُذُ بِهِ.

وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْعَقْرَبِ أَوْ الْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ وَهُمَا الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ» وَهَذَا تَرْخِيصٌ وَابَاحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ عَالَجَ مُعَالَجَةً كَثِيرَةً فِي قَتْلِهِمَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى مَا نَذْكُرُ.

، وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَسْبِقَ الْإِمَامَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنِّي قَدْ بَدُنْتُ»

وَلَوْ سَبَقَهُ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يُشَارِكْهُ الْإِمَامُ فِي الرُّكْنِ الَّذِي سَبَقَهُ أَصْلًا لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ حَتَّى إنَّهُ لَوْ لَمْ يُعِدْ الرُّكْنَ وَسَلَّمَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُتَابَعَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي الرُّكْنِ وَإِنْ شَارَكَهُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ.

وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الِابْتِدَاءَ وَقَعَ بَاطِلًا وَالْبَاقِي بِنَاءً عَلَيْهِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ وَلَنَا أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُشَارَكَةُ رُكُوعٌ تَامٌّ فَيُكْتَفَى بِهِ، وَانْعِدَامُ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا قَبْلَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ؛ لِقَوْلِهِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» .

وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي غَيْرِ حَالِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ «نَهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَالَ: أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» .

وَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِيهِ بِخِلَافِ التَّنَفُّسِ فَإِنَّ فِيهِ ضَرُورَةً، وَهَلْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِالنَّفْخِ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا تَفْسُدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَيَانِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ.

وَيُكْرَهُ لِمَنْ أَتَى الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَنْ يَرْكَعَ دُونَ الصَّفِّ وَإِنْ خَافَ الْفَوْتَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ «دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّبِيَّ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ كَمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَدَبَّ رَاكِعًا حَتَّى الْتَحَقَ بِالصُّفُوفِ فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ قَالَ لَهُ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إحْدَى الْكَرَاهَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِالصُّفُوفِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّهُ فِعْلٌ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فِي الْأَصْلِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنْ مَشَى خُطْوَةً خُطْوَةً لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ مَشَى خُطْوَتَيْنِ خُطْوَتَيْنِ تَفْسُدُ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا تَفْسُدُ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ لَكِنْ لَا أَقَلَّ مِنْ الْكَرَاهَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكَعَ فِيهِ فَيَكُونُ مُصَلِّيًا خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِقَوْلِهِ «لَا صَلَاةَ لِمُنْتَبِذٍ خَلْفَ الصُّفُوفِ» وَأَدْنَى أَحْوَالِ النَّفْيِ هُوَ نَفْيُ الْكَمَالِ، ثُمَّ الصَّلَاةُ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ إنَّمَا تُكْرَهُ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فَلَا تُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَالَ حَالُ الْعُذْرِ وَإِنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةً يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَقُومَ خَلْفَ الصَّفِّ؟ لِأَنَّ مُحَاذَاتَهَا الرَّجُلَ مُفْسِدَةٌ صَلَاةَ الرَّجُلِ فَوَجَبَ الِانْفِرَادُ لِلضَّرُورَةِ، وَيَنْبَغِي إذَا لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً أَنْ يَنْتَظِرَ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ خَلْفَ الصَّفِّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا وَخَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ جَذَبَ مِنْ الصَّفِّ إلَى نَفْسِهِ مَنْ يَعْرِفُ مِنْهُ عِلْمًا وَحُسْنَ الْخُلُقِ لِكَيْ لَا يَغْضَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَقِفْ حِينَئِذٍ خَلْفَ الصَّفِّ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيُؤْمَرُ مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا أَنْ يَأْتِيَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا يُعَجِّلَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُصَلِّ إلَى الصَّفِّ فَمَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَمَا فَاتَهُ قَضَى، وَأَصْلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ وَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» .

وَيُكْرَهُ لِمُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ يُخِلُّ بِالْقِيَامِ وَتَرْكُ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ فَكَانَ الْإِخْلَالُ بِهِ مَكْرُوهًا إلَّا مِنْ عُذْرٍ.

وَلَوْ فَعَلَ جَازَتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ أَصْلِ الْقِيَامِ وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِمُصَلِّي التَّطَوُّعِ؟ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَصْلِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ فِي التَّطَوُّعِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَالْإِخْلَالُ بِهِ أَوْلَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «رَأَى حَبْلًا مَمْدُودًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: لِفُلَانَةَ تُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَعْيَتْ اتَّكَأَتْ فَقَالَ لِتُصَلِّي فُلَانَةُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَعْيَتْ فَلْتَنَمْ» ؛ وَلِأَنَّ فِي الِاعْتِمَادِ بَعْضُ التَّنَعُّمِ وَالتَّحَبُّرِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.

وَيُكْرَهُ السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ سَدْلَ الثَّوْبِ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>