للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا دَلِيلُ عَدَمِ الثُّبُوتِ.

قَدْ حُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ أَفْقَهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ هَذَا إنَّمَا هُوَ غَلَطٌ وَقَعَ مِنْ رِجَالِ عَلِيٍّ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الرَّاوِيَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي سِتٍّ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسٌ مِنْ الْغَنَمِ قِيمَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ وَيُدَارُ الْحِسَابُ عَلَى الْخَمْسِينَانِ فِي النِّصَابِ وَعَلَى الْحِقَاقِ فِي الْوَاجِبِ، لَكِنْ بِشَرْطِ عَوْدِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَالْأَوْقَاصِ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَيَكُونُ فِيهَا شَاةٌ وَحِقَّتَانِ، وَفِي الْعَشْرِ شَاتَانِ وَحِقَّتَانِ، وَفِي خَمْسَةَ عَشْرَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَحِقَّتَانِ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَحِقَّتَانِ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَحِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَرِيضَةَ فَلَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَيَكُونُ فِيهَا شَاةٌ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَفِي الْعَشْرِ شَاتَانِ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ.

فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَخَمْسًا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَسِتَّةً وَثَمَانِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ وَثَلَاثُ حِقَاقٍ إلَى مِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ إلَى مِائَتَيْنِ، فَإِنْ شَاءَ أَدَّى مِنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْفَرِيضَةَ أَبَدًا فِي كُلِّ خَمْسِينَ كَمَا اُسْتُؤْنِفَتْ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ إلَى مِائَتَيْنِ فَيَدْخُلُ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ مَعَ الشِّيَاهِ.

هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا.

وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً لَا تَجِبُ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ إلَى تِسْعَةٍ بَلْ يُجْعَلُ تِسْعَةً عَفْوًا حَتَّى تَبْلُغَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ.

وَكَذَا إذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَثَلَاثِينَ فَلَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ إلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَيُجْعَلُ كُلُّ تِسْعَةٍ عَفْوًا وَتَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَيُدَارُ النِّصَابُ عَلَى الْخَمْسِينَاتِ وَالْأَرْبَعِينَات، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ لَبُونٍ فَيَجِبُ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ؛ لِأَنَّهَا مَرَّةً خَمْسُونَ وَمَرَّتَيْنِ أَرْبَعُونَ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ أَدَّى مِنْ الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّهُ يُدَارُ الْحِسَابُ عَلَى الْخَمْسِينَاتِ وَالْأَرْبَعِينَات فِي النُّصُبِ، وَعَلَى الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ فِي الْوَاجِبِ.

وَإِنَّمَا خَالَفَهُ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ احْتَجَّا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ وَقَرَنَهُ بِقِرَابِ سَيْفِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ حَتَّى قُبِضَا وَكَانَ فِيهِ «إذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَفْظُ الزِّيَادَةِ إنَّمَا تَتَنَاوَلُ زِيَادَةً يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ عَلَّقَ هَذَا الْحُكْمَ بِنَفْسِ الزِّيَادَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ فَعِنْدَهُمَا يُوجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ.

وَهَذِهِ الْوَاحِدَةُ لِتَعْيِينِ الْوَاجِبِ بِهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا حَظٌّ مِنْ الْوَاجِبِ، ثُمَّ أَعْدَلُ الْأَسْنَانِ بِنْتُ لَبُونٍ وَالْحِقَّةُ، فَإِنَّ أَدْنَاهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَأَعْلَاهَا الْجَذَعَةُ فَالْأَعْدَلُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ.

وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْت لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَخْرِجْ إلَيَّ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَأَخْرَجَ كِتَابًا فِي وَرَقَةٍ وَفِيهِ «فَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ اُسْتُؤْنِفَتْ الْفَرِيضَةُ فَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ ذَوْدُ شَاةٍ» .

وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهَذَا بَابٌ لَا يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ فَيَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ نَقْرَأُهُ إلَّا كِتَابُ اللَّهِ ﷿ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ أَخَذْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَجُوزُ أَنْ نُخَا لِفَهَا وَرُوِيَ أَنَّهُ أَنْفَذَهَا إلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ: مُرْ سُعَاتُكَ فَلْيَعْمَلُوا بِهَا، فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا مَعَنَا مِثْلُهَا، وَمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا فَقَدْ وَافَقَ عَلِيًّا .

وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْحِقَّتَيْنِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>