وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا جَمِيعًا كَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَالْعُرُوضِ وَالْبُسُطِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا فِي الْكُلِّ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْبَاقِي.
وَقَالَ زُفَرُ: فِي قَوْلٍ الْمُشْكِلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
وَقَالَ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي ثِيَابِ بَدَنِ الْمَرْأَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي ثِيَابِ بَدَنِ الرَّجُلِ (وَجْهُ) قَوْلِ الْحَسَنِ أَنَّ يَدَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي يَدِ الرَّجُلِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ لَهَا شَاهِدًا إلَّا فِي ثِيَابِ بَدَنِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ، وَيُصَدِّقُ الزَّوْجَ (وَجْهُ) قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الزَّوْجَ أَخَصُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا فِي الْبَيْتِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ إلَّا فِي ثِيَابِ بَدَنِهَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ يُصَدِّقُهَا فِيهِ، وَيُكَذِّبُ الرَّجُلَ (وَجْهُ) قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَا حُرَّيْنِ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ، فَكَانَ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ خَصَّ الْمُشْكِلَ بِذَلِكَ فِي قَوْلٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا فِي الْمُشْكِلِ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لِلْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَخْلُو عَنْ الْجَهَازِ عَادَةً، فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهَا فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، فَكَانَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْقَدْرِ قَوْلَهَا، وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِلرَّجُلِ فِي الْبَاقِي، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْبَاقِي (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ يَدَ الزَّوْجِ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ أَقْوَى مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدٌ مُتَصَرِّفَةٌ، وَيَدُهَا يَدٌ حَافِظَةٌ، وَيَدُ التَّصَرُّفِ أَقْوَى مِنْ يَدِ الْحِفْظِ كَاثْنَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فِي دَابَّةٍ، وَأَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا، وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَنَّ الرَّاكِبَ أَوْلَى إلَّا أَنَّ فِيمَا يَصْلُحُ لَهَا عَارَضَ هَذَا الظَّاهِرَ مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ مَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِالطَّلَاقِ، فَزَالَتْ يَدُهَا، وَالْتَحَقَتْ بِسَائِرِ الْأَجَانِبِ هَذَا إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (فَأَمَّا) إذَا مَاتَا، فَاخْتَلَفَ، وَرَثَتُهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا، وَقَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ، فَصَارَ كَأَنَّ الْمُورَثَيْنِ اخْتَلَفَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَهُمَا حَيَّانِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَاخْتَلَفَ الْحَيُّ وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمَرْأَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْلَى.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ، وَرَثَتِهَا إلَى قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الزَّوْجُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُشْكِلِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ، وَرَثَةِ الزَّوْجِ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُورَثِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَتَاعَ كَانَ فِي يَدِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا قَالَ زُفَرُ؛ لِأَنَّ يَدَ الزَّوْجِ كَانَتْ أَقْوَى، فَسَقَطَتْ يَدُهَا بِيَدِ الزَّوْجِ، فَإِذَا مَاتَ الزَّوْجُ، فَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ، فَظَهَرَتْ يَدُهَا عَلَى الْمَتَاعِ.
وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا، فَمَاتَ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ هِيَ، وَوَرَثَةُ الزَّوْجِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْمُشْكِلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ أَيْضًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُشْكِلِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إذَا كَانَتْ قَائِمَةً كَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا مِنْ وَجْهٍ، فَصَارَ كَمَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَبَقِيَتْ الْمَرْأَةُ، وَهُنَاكَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُشْكِلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي قَدْرِ جَهَازِ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ كَذَا هَهُنَا هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ مُكَاتَبَيْنِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا أَوْ مُكَاتَبًا، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْحُرِّ، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ مَحْجُورًا، فَكَذَلِكَ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا، فَالْجَوَابُ فِيهِ، وَفِيمَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ سَوَاءٌ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي مِلْكِ الْيَدِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ بَلْ هُوَ حُرٌّ يَدًا، وَلِهَذَا كَانَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ.
وَكَذَا الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا، وَهُمَا حُرَّانِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْلُوكٌ أَمَّا الْمَأْذُونُ، فَلَا شَكَّ فِيهِ.
وَكَذَا الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْعَبْدُ اسْمٌ لِلْمَمْلُوكِ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، فَلَا تَصْلُحُ يَدُهُ دَلِيلًا عَلَى الْمِلْكِ، فَلَا تَصْلُحُ مُعَارِضَةً لِيَدِ الْحُرِّ، فَبَقِيَتْ يَدُهُ دَلِيلَ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ بِخِلَافِ الْحُرَّيْنِ.
وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا، وَالْمَرْأَةُ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، فَأُعْتِقَتْ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، فَمَا أَحْدَثَا مِنْ الْمِلْكِ قَبْلَ الْعِتْقِ، فَهُوَ