وَالِاسْمُ بَاقٍ وَهَذَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فَيَحْنَثُ بِهِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حَرِيرًا فَلَبِسَ مُصَمَّتًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَبُ إلَى اللُّحْمَةِ دُونَ السَّدَاءِ لِأَنَّهَا هِيَ الظَّاهِرَةُ مِنْهُ وَالسِّدَاءُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَنَظِيرُ مَسَائِلِ الْبَابِ مَا قَالَ فِي الْجَامِعِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصَيْنِ فَلَبِسَ قَمِيصًا ثُمَّ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَلْبَسَهُمَا مَعًا لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لُبْسِ الْقَمِيصَيْنِ فِي الْعُرْفِ هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا.
وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُ هَذَيْنِ الْقَمِيصَيْنِ فَلَبِسَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَبِسَ الْآخَرَ حَنِثَ لِأَنَّ الْيَمِينَ هَهُنَا وَقَعَتْ عَلَى عَيْنٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الِاسْمُ دُونَ اللُّبْسِ الْمُعْتَادِ وَقَالُوا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَبِسَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ دِرْعَ امْرَأَةٍ أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ قَلَنْسُوَةً أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ اللُّبْسِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سِلَاحًا فَتَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ تَنَكَّبَ قَوْسًا أَوْ تُرْسًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى لُبْسًا يُقَالُ تَقَلَّدَ السَّيْفَ وَلَا يُقَالُ لَبِسَهُ وَلَوْ لَبِسَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَنِثَ لِأَنَّ السِّلَاحَ هَكَذَا يُلْبَسُ وَقَالُوا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قُطْنًا فَلَبِسَ ثَوْبَ قُطْنٍ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَا يَحْتَمِلُ اللُّبْسَ حَقِيقَةً فَيُحْمَلُ عَلَى لُبْسِ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ فَإِنْ لَبِسَ قَبَاءً لَيْسَ بِقُطْنٍ وَحَشْوُهُ قُطْنٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ الْحَشْوَ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ بِمَلْبُوسٍ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْيَمِينُ فَإِنْ لَبِسَ ثَوْبًا مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ حَنِثَ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقُطْنِ تَتَنَاوَلُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ وَبَعْضُ الثَّوْبِ يُتَّخَذُ مِنْهُ رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَيَقْطَعَن مِنْ هَذَا الثَّوْبِ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَلَبِسَهُ مَا شَاءَ ثُمَّ قَطَعَ مِنْ الْقَمِيصِ سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ الْقَمِيصَ يُسَمَّى ثَوْبًا فَقَدْ قُطِعَ الثَّوْبُ سَرَاوِيلَ وَاسْمُ الثَّوْبِ لَمْ يَزُلْ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى قَمِيصٍ لَيَقْطَعَن مِنْهُ قَبَاءً وَسَرَاوِيلَ فَقَطَعَ مِنْهُ قَبَاءً فَلَبِسَهُ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهُ ثُمَّ قَطَعَ مِنْ الْقَبَاءِ سَرَاوِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حِينَ قَطَعَ الْقَمِيصَ قَبَاءً لِأَنَّهُ قَطَعَ السَّرَاوِيلَ مِمَّا لَا يُسَمَّى قَمِيصًا وَيَمِينُهُ أَقْتَضَتْ أَنْ يَقْطَعَ السَّرَاوِيلَ مِنْ قَمِيصٍ لَا مِنْ قَبَاءٍ.
وَقَالَ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَجْعَلْ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ قَبَاءً وَسَرَاوِيلَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَجَعَلَهُ كُلَّهُ قَبَاءً وَخَاطَهُ ثُمَّ نَقَضَ الْقَبَاءَ وَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنَى أَنْ يَجْعَلَ مِنْ بَعْضِهِ هَذَا أَوْ بَعْضِهِ هَذَا وَهُوَ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى.
وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَقَطَعَهُ سَرَاوِيلِينَ فَلَبِسَ سَرَاوِيلَ بَعْدَ سَرَاوِيلَ لَا يَحْنَثُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا صَارَ سَرَاوِيلِينَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا لِأَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يُلْبَسُ جَمِيعُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَأَخَذَ مِنْهُ قَلَنْسُوَاتٍ فَلَبِسَهَا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَهُ قَلَنْسُوَاتٍ لَمْ يَبْقَ اسْمُ الثَّوْبِ لِأَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ لَا تُسَمَّى ثَوْبًا وَإِنْ قَطَعَهُ قَمِيصًا فَفَضَلَ مِنْهُ فَضْلَةٌ عَنْ الْقَمِيصِ رُقْعَةٌ صَغِيرَةٌ يَتَّخِذُ مِنْهَا لَبِنَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِمَّا لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَكَانَ لَابِسًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُمَّانَةً فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً وَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ مِنْ الثَّوْبِ جَوَارِبَ فَلَبِسَهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَهُ جَوَارِبَ زَالَ اسْمُ الثَّوْبِ عَنْهَا.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَقَطَعَ بَعْضَهُ فَلَبِسَهُ فَإِنْ كَانَ لَا يَكُونُ مَا قَطَعَ إزَارًا أَوْ رِدَاءً لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ حَنِثَ وَإِنْ قَطَعَهُ سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ حَنِثَ لِأَنَّ اسْمَ الثَّوْبِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا تُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ وَأَدْنَى ذَلِكَ الْإِزَارُ فَمَا دُونَهُ لَيْسَ بِلُبْسِ ثَوْبٍ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا فَلَبِسَتْ خِمَارًا أَوْ مِقْنَعَةً لَمْ تَحْنَثْ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْخِمَارُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ الْإِزَارَ حَنِثَ بِلُبْسِهِ وَإِنْ لَمْ تُسْتَرْ بِهِ الْعَوْرَةُ وَكَذَلِكَ إذَا لَبِسَ الْحَالِفُ عِمَامَةً لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَلُفَّ عَلَى رَأْسِهِ وَيَكُونَ قَدْرَ إزَارٍ أَوْ رِدَاءٍ أَوْ يَقْطَعَ مِنْ مِثْلِهَا قَمِيصًا أَوْ دِرْعًا أَوْ سَرَاوِيلَ لِأَنَّ الْعِمَامَةَ إذَا لَمْ تَبْلُغْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ فَلَابِسُهَا لَا يُسَمَّى لَابِسَ ثَوْبٍ فَلَمْ يَحْنَثْ وَإِذَا بَلَغَتْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ أَوْ الرِّدَاءِ فَقَدْ لَبِسَ مَا يُسَمَّى ثَوْبًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ بَدَنِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَبِسَ الْقَمِيصَ عَلَى رَأْسِهِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ وَلَمْ يَقُلْ ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ فِي التِّكَّةِ وَالزِّرِّ وَالْعُرْوَةِ وَاللَّبِنَةِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِلُبْسٍ فِي الْعَادَةِ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ لَابِسٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ لَبِسَ رُقْعَةً فِي ثَوْبٍ شِبْرًا فِي شِبْرٍ حَنِثَ لِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ فِي حُكْمِ الْكَثِيرِ فَصَارَ لَابِسًا لَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا لَا يَحْنَثُ فِي الْعِمَامَةِ وَالْمِقْنَعَةِ وَيَحْنَثُ فِي السَّرَاوِيلِ وَقَدْ قَالُوا إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبَ خَزٍّ غَزَلَتْهُ حَنِثَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْسَبُ إلَى الثَّوْبِ فَإِنَّهُ كَانَ كِسَاءٌ مِنْ غَزْلِهَا سُدَاهُ قُطْنٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يُسَمَّى ثَوْبًا حَنِثَ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَنَسَجَهُ غِلْمَانُهُ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ يَعْمَلُ بِيَدِهِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَلْبَسَ مِنْ