للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَصُومُ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِعْلَ الصَّوْمِ شَرْطًا وَبِصَوْمِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ وُجِدَ فِعْلُ الصَّوْمِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ لِأَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَمَا لَمْ تُوجَدْ الْأَرْبَعُ لَا تُوجَدُ الظُّهْرُ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَدْرَكَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَأَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَدَخَلَ مَعَهُ حَنِثَ لِأَنَّ إدْرَاك الشَّيْءِ لُحُوقُ آخِرِهِ يُقَالُ أَدْرَكَ فُلَانٌ زَمَنَ النَّبِيِّ وَيُرَادُ بِهِ لُحُوقَ آخِرِهِ وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي التَّشَهُّدِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ» وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ انْتَهَى يَوْمًا إلَى الْإِمَامِ فَأَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَدْرَكْنَا مَعَهُ الصَّلَاةَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَأَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً فَصَلَّاهَا مَعَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَأَتَمَّ هُوَ الثَّانِيَةَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ إذْ هِيَ اسْمٌ لِلْكُلِّ وَهُوَ مَا صَلَّى الْكُلَّ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ نَامَ أَوْ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ فَجَاءَ وَقَدْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَاتَّبَعَهُ فِي الصَّلَاةِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مُقَارِنًا لِلْإِمَامِ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَعَ هَهُنَا لَا يُرَادُ بِهَا حَقِيقَةُ الْقُرْآنِ بَلْ كَوْنُهُ تَابِعًا لَهُ مُقْتَدِيًا بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَفْعَالَهُ وَانْتِقَالَهُ مِنْ رُكْنٍ إلَى رُكْنٍ لَوْ حَصَلَ عَلَى التَّعَاقُبِ دُونَ الْمُقَارَنَةِ عُرِفَ مُصَلِّيًا مَعَهُ كَذَا هَهُنَا وَقَدْ وُجِدَ لِبَقَائِهِ مُقْتَدِيًا بِهِ تَابِعًا لَهُ وَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ الْمُقَارَنَةِ صَدَقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ حَجَّةً أَوْ قَالَ لَا أَحُجُّ وَلَمْ يَقُلْ حَجَّةً لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ طَوَافِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ حَجَّةً اسْمٌ لِعِبَادَةٍ رُكِّبَتْ مِنْ أَجْنَاسِ أَفْعَالٍ كَالصَّلَاةِ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ كُلُّ الطَّوَافِ أَوْ أَكْثَرُهُ لَا يُوجَدُ الْحَجُّ فَإِنْ جَامَعَ فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ فَيَقَعُ الْيَمِينُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ فَأَحْرَمَ وَطَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ حَنِثَ لِأَنَّ رُكْنَ الْعُمْرَةِ هُوَ الطَّوَافُ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ.

قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ سَمِعْت أَبَا يُوسُفَ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بَعْدَ امْرَأَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَ امْرَأَةٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا فَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُمَا فَكَانَ لَهُ التَّعْيِينُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَهُمَا طَلُقَتْ الْأَخِيرَةُ لِأَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا بَعْدَ امْرَأَةٍ وَالْأُولَيَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا بَعْدَ الْأُخْرَى فَكَانَتْ الْأُخْرَى هِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ لِلشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ صَبِيَّةً طَلُقَتْ لِأَنَّ غَرَضَهُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ النِّكَاحِ فَيَتَنَاوَلُ الْبَالِغَةَ وَالصَّبِيَّةَ فَصَارَ قَوْلُهُ امْرَأَةً كَقَوْلِهِ أُنْثَى قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْهُ إنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ فَهُمَا طَالِقَتَانِ فَتَزَوَّجَ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ فَإِنَّهُ تَطْلُقُ امْرَأَتَانِ مِنْ نِسَائِهِ فَوَقَعَ عَلَى ثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَ بِاثْنَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثَةٌ وَلَيْسَ أَحَدَاهُنَّ بِالطَّلَاقِ بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَيَرْجِعُ إلَى تَعْيِينِهِ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ فِي رَجُلٍ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُزَوِّجُ ابْنَتِي الصَّغِيرَةَ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ قَالَ هُوَ حَانِثٌ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ فَتَتَعَلَّقُ بِالْمُجِيزِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ ابْنًا لَهُ كَبِيرًا فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ ثُمَّ بَلَغَ الِابْنُ فَأَجَازَ أَوْ زَوَّجَهُ رَجُلٌ وَأَجَازَ الْأَبُ وَرَضِيَ الِابْنُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَمَّا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْعَاقِدِ تَعَلَّقَتْ بِالْمُجِيزِ فَنُسِبَ الْعَقْدُ إلَيْهِ.

هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ ثَلَاثًا لَا يُزَوِّجُ بِنْتًا لَهُ صَغِيرَةً فَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهِ أَوْ غَرِيبٌ وَالْأَبُ حَاضِرٌ ذَلِكَ الْمَجْلِسَ حِينَ زُوِّجَتْ إلَّا أَنَّهُ سَاكِتٌ حَتَّى قَالَ الَّذِي زَوَّجَ لِلَّذِي خَطَبَ قَدْ زَوَّجْتُكهَا.

وَقَالَ الْآخَرُ قَدْ قَبِلْت وَالْأَبُ سَاكِتٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا وَقَعَتْ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَدْ أَجَزْت النِّكَاحَ فَزَعَمَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الَّذِي زَوَّجَ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ هُوَ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ عَلَى أَمَتِهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى التَّزْوِيجِ وَالْإِجَازَةُ تُسَمَّى نِكَاحًا وَتَزْوِيجًا فَقَدْ فَعَلَ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الِاسْمُ فَلَا يَحْنَثُ.

وَقَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا زَوَّجَهُ وَلِيُّهَا ثُمَّ حَلَفَ الْمُتَزَوِّجُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا أَبَدًا ثُمَّ بَلَغَهَا فَرَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَوْ كَانَ رَجُلٌ زَوَّجَهَا مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ حَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا ثُمَّ بَلَغَهُ النِّكَاحُ فَأَجَازَ لَمْ يَحْنَثْ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّمَا أَجَازَ نِكَاحًا قَبْلَ يَمِينِهِ أَوْ أَجَازَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ لَا أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ بِالْكُوفَةِ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا إيَّاهُ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ أَجَازَتْ بِبَغْدَادَ كَانَ حَانِثًا وَإِنَّمَا أَجَازَ السَّاعَةَ بِإِجَازَتِهَا النِّكَاحَ الَّذِي كَانَ بِالْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْجَامِعِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>