السَّاعَةَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهُ بِطَرِيقِ الْإِخْبَار لِانْعِدَامِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَيَكُونُ كَذِبًا فَيُصَحَّحُ بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ، ثُمَّ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهُ إنْشَاءَ الْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ إسْنَادَ الطَّلَاقِ الْمَوْجُودِ لِلْحَالِ إلَى الزَّمَانِ الْمَاضِي مُحَالٌ فَبَطَلَتْ الْإِضَافَةُ وَاقْتَصَرَ الْإِنْشَاءُ عَلَى الْحَالِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ.
وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُكِ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ ثُمَّ أَضَافَ الْوَاقِعَ إلَى مَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَتَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك، وَلَوْ قَدِمَ ذِكْرَ التَّزْوِيجِ فَقَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَقَعُ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ يَصِيرُ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَصِيرُ قَائِلًا عِنْدَ التَّزْوِيجِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لَا يَقَعُ كَذَا هَذَا.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ ثُمَّ أَضَافَ الْوَاقِعَ إلَى زَمَانِ مَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ فَتَلْغُو الْإِضَافَةُ وَيَبْقَى الْوَاقِعُ عَلَيَّ حَالِهِ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَضَافَ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَى مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الزَّمَانِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى زَمَانٍ لَا مِلْكَ لَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَطْعًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي.
وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِكَ،؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِوُجُودِ الْمَوْتِ فَصَارَ الْمَوْتُ شَرْطًا إذْ الْجَزَاءُ يَعْقُبُ الشَّرْطَ فَكَانَ هَذَا إيقَاعَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا مِلْكَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَبَطَلَ.
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ مَعَ عِتْقِ مَوْلَاكِ فَأَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَإِنَّ زَوْجَهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ طَلَاقُهَا بِعِتْقِ مَوْلَاهَا فَصَارَ عِتْقُ مَوْلَاهَا شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ بَعْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ؛ وَهِيَ حُرَّةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَجَاءَ غَدٌ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ.
وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ بِمَجِيءِ الْغَدِ فَكَانَ حَالُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَاحِدًا وَهُوَ حَالُ مَجِيءِ الْغَدِ فَيَقَعَانِ مَعًا، وَالْعِتْقُ حَالَ وُقُوعِهِ يَكُونُ وَاقِعًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ حَالَ وُجُودِهِ يَكُونُ مَوْجُودًا، وَالشَّيْءُ فِي حَالِ قِيَامِهِ يَكُونُ قَائِمًا وَفِي حَالِ سَوَادِهِ يَكُونُ أَسْوَدَ، فَالطَّلْقَتَانِ يُصَادِفَانِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ، وَلِهَذَا كَانَتْ عِدَّتُهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ؛ وَلِهَذَا لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ.
فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى كَذَا هَذَا.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَمَّا عُلِّقَا بِمَجِيءِ الْغَدِ وَقَعَا مَعًا، ثُمَّ الْعِتْقُ يُصَادِفُهَا وَهِيَ أَمَةٌ.
وَكَذَا الطَّلَاقُ فَيَثْبُتُ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ بِثِنْتَيْنِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، لِأَنَّ ثَمَّةَ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِالْعِتْقِ فَيَقَعُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعِتْقِ ضَرُورَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ الْعِدَّةِ؛ فَإِنَّ وُجُوبَ الْعِدَّةِ يَتَعَقَّبُ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُصَادِفُهَا وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ، وَلَا عِدَّةَ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ فَلَا يَكُونُ وُجُوبُهَا مُقَارِنًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَكَانَ عَقِيبَ الطَّلَاقِ ضَرُورَةً، وَهِيَ حُرَّةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَكَانَتْ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْحَرَائِرِ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ فَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ رَأْسَ شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غَدٍ صَحَّ لِوُجُودِ الْمِلْكِ وَقْتَ الْإِضَافَةِ، وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ إلَى الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ ثُمَّ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ رَأْسُ الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْغَدِ وَالشَّهْرِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي التَّعْلِيقِ، وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ وَسَكَتَ أَنَّهَا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ مَتَى لِلْوَقْتِ فَقَدْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتٍ لَا يُطَلِّقُهَا فِيهِ فَكَمَا فَرَغَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَسَكَتَ وُجِدَ هَذَا الْوَقْتُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ.
وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا أُطَلِّقُكِ يُقَالُ فِي الْعُرْفِ: مَا دُمْتَ تَفْعَلُ كَذَا افْعَلْ كَذَا أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَفْعَلُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ عِيسَى ﵊ ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ [مريم: ٣١] أَيْ: وَقْتَ حَيَاتِي فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا أُطَلِّقُكِ؛ فَكَمَا فَرَغَ وَسَكَتَ تَحَقَّقَ ذَلِكَ الْوَقْتُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ يُطَلِّقُهَا مَوْصُولًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَنْتِ طَالِقٌ.
وَذَكَرَ الْعِبَارَتَيْنِ الْأُخْرَتَيْنِ فَهِيَ طَالِقٌ هَذِهِ التَّطْلِيقَةَ دُونَ التَّطْلِيقَةِ الْمُضَافَةِ إلَى زَمَانٍ لَا يُطَلِّقُهَا فِيهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ.
وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ أَنْتِ طَالِقٌ تَقَعُ هَذِهِ الطَّلْقَةُ لَا غَيْرَ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ يَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ.
وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى وَقْتٍ لَا طَلَاقَ فِيهِ وَكَمَا فَرَغَ مِنْ