بِاسْمِ الْجَمْعِ فَيَتَنَاوَلُ الثَّلَاثَ فَصَاعِدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَلَيْهَا مِنْ كُلِّ صِنْفٍ سَمَّتْهُ ثَلَاثَةٌ وَزْنًا فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَعَدَدًا فِي الْفُلُوسِ لِوُجُودِ تَسْمِيَةِ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَالْفُلُوسَ أَمْوَالٌ مُتَقَوِّمَةٌ، وَالْمَذْكُورُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ.
وَأَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا وَيَتَعَيَّنُ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّرَاهِمِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا، وَاعْتُبِرَ الْمُسَمَّى مَعَ جَهَالَتِهِ فِي نَفْسِهِ وَحُمِلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْمِلْكِ مُتَقَوِّمَةٌ.
وَكَذَا الْعَبْدُ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْمُسَمَّى الْمَجْهُولِ، وَلَوْ قَالَتْ: عَلَى مَا فِي يَدِي، وَلَمْ تُزِدْ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ وَقَعَتْ عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مَوْجُودٍ فَصَحَّتْ وَاسْتُحِقَّ عَلَيْهَا مَا فِي يَدِهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا عَامَّةٌ فِيمَا لَا يُعْلَمُ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَلَمْ تُوجَدْ تَسْمِيَةُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ؛ لِأَنَّهَا سَمَّتْ مَا فِي يَدِهَا وَقَدْ يَكُونُ فِي يَدِهَا شَيْءٌ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ وُجُوبِ شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ.
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى جُعْلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ مَوْلَاهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ الْجُعْلِ حَتَّى تُعْتَقَ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ؛ فَلِأَنَّهُ يَقِفُ عَلَى قَبُولِ مَا جُعِلَ عِوَضًا وَقَدْ وُجِدَ.
وَأَمَّا وُجُوبُ الْجُعْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ فَلِأَنَّهَا سَمَّتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا مَوْجُودًا وَهُوَ مَعْلُومٌ أَيْضًا وَهِيَ مِنْ أَهْلِ التَّسْمِيَةِ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْوُجُوبُ لِلْحَالِ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَزِمَهَا الْجُعْلُ وَتُبَاعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَتُبَاعُ فِيهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى جُعْلٍ؛ يَجُوزُ الْخُلْعُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَتَأَخَّرُ الْجُعْلُ إلَى مَا بَعْدَ الْعَتَاقِ وَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهَا لَا تَحْتَمِلُ الْبَيْعَ فَلَا تَحْتَمِلُ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِهَا.
وَلَوْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى رَضَاعِ ابْنِهِ مِنْهَا سَنَتَيْنِ جَازَ الْخُلْعُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَرْضِعَهُ سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَاتَ ابْنُهَا قَبْلَ أَنْ تُرْضِعَهُ شَيْئًا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ الرَّضَاعِ لِلْمُدَّةِ، وَإِنْ مَاتَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ مِمَّا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦] فَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ جُعَلًا فِي الْخُلْعِ، وَهَلَاكُ الْوَلَدِ قَبْلَ الرَّضَاعِ كَهَلَاكِ عِوَضٍ اخْتَلَعَتْ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ وَضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَإِنْ هَلَكَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّضَاعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَ لَهَا مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَفَاحِشَةً فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ وَلَكِنْ الطَّلَاقُ وَاقِعٌ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِهَا فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا مُتَبَرِّعَةٌ فِي قَبُولِ الْبَدَلِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا.
وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهَا الْمَهْرُ الَّذِي اسْتَحَقَّتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى الْحُكْمِ خُلْعٌ بِتَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ وَالْخَطَرِ أَيْضًا فَلَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ فَلَا تَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى الْحُكْمِ خُلْعٌ عَلَى مَا يَقَعُ بِهِ الْحُكْمُ وَلَا يَقَعُ إلَّا بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ عَادَةً، فَكَانَ الْخُلْعُ عَلَى الْحُكْمِ خُلْعًا عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ فَقَدْ غَرَّتْهُ بِتَسْمِيَةِ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى اسْتِحْقَاقِ مَا يَقَعُ بِهِ الْحُكْمُ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً كَجَهَالَةِ الْجِنْسِ فَتَرْجِعُ إلَى مَا اسْتَحَقَّتْهُ مِنْ الْمَهْرِ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ إلَى الزَّوْجِ فَإِنْ حَكَمَ بِمِقْدَارِ الْمَهْرِ تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ.
وَكَذَلِكَ إنْ حَكَمَ بِأَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ حَطَّ بَعْضَهُ فَهُوَ تَمَلَّكَ حَطَّ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ حَطَّ الْكُلِّ فَالْبَعْضُ أَوْلَى، وَإِنْ حَكَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ لَمْ تَلْزَمْهَا الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِرِضَاهَا، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ إلَيْهَا فَإِنْ حَكَمَتْ بِقَدْرِ الْمَهْرِ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حَكَمَتْ بِالْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ وَكَذَلِكَ إنْ حَكَمَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا حَكَمَتْ لِنَفْسِهَا بِالزِّيَادَةِ وَهِيَ تَمْلِكُ بَذْلَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ حَكَمَتْ بِأَقَلَّ مِنْ الْمَهْرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا حَطَّتْ بَعْضَ مَا عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَمْلِكُ حَطَّ مَا عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ حَكَمَ بِقَدْرِ الْمَهْرِ جَازَ وَإِنْ حَكَمَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ إلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ وَالنُّقْصَانُ إلَّا بِرِضَا الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ إبْطَالَ حَقِّ الْمَرْأَةِ وَفِي النُّقْصَانِ إبْطَالَ حَقِّ الزَّوْجِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ وَلَوْ