فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ تِسْعَةً، وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ، وَإِنْ كَانَتْ أَمِينَةً فِي الْأَقْرَاءِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَكِنْ الْأَمِينُ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ، فَأَمَّا فِيمَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، كَالْوَصِيِّ إذَا قَالَ: أَنْفَقْتُ عَلَى الْيَتِيمِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَلْفَ دِينَارٍ، وَمَا قَالَاهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَإِنَّمَا يُوقِعُهُ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ، وَكَذَا حَيْضُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ نَادِرٌ، وَحَيْضُ عَشَرَةٍ نَادِرٌ أَيْضًا فَيُؤْخَذُ بِالْوَسَطِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ، وَاعْتِبَارُ هَذَا التَّخْرِيجِ يُوجِبُ أَنَّ أَقَلَّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ سِتُّونَ يَوْمًا.
وَأَمَّا الْوَجْهُ عَلَى تَخْرِيجِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَهُوَ أَنْ يُحْكَمَ بِالطَّلَاقِ فِي آخِرِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً لَكِنْ الظَّاهِرُ هُوَ الْإِيقَاعُ فِي آخِرِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يُجَرِّبُ نَفْسَهُ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ هَلْ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهَا ثُمَّ يُطَلِّقُ فَكَانَ الظَّاهِرُ هُوَ الْإِيقَاعُ فِي آخِرِ الطُّهْرِ لَا أَنَّهُ يَعْتَبِرُ مُدَّةَ الْحَيْضِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّا قَدْ اعْتَبَرْنَا فِي الطُّهْرِ أَقَلَّهُ، فَلَوْ نَقَصْنَا مِنْ الْعَشَرَةِ فِي الْحَيْضِ لَلَزِمَ النَّقْصُ فِي الْعِدَّةِ فَيَفُوتُ حَقُّ الزَّوْجِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُحْكَمُ بِأَكْثَرِ الْحَيْضِ، وَأَقَلِّ الطُّهْرِ رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ وَاعْتِبَارُ هَذَا التَّخْرِيجِ أَيْضًا يُوجِبُ مَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَقَلّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ سِتُّونَ.
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَقَلُّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَهُوَ أَنْ يُقَدِّرَ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ فَيُبْدَأَ بِالطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ بِالْحَيْضِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بِالطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ بِالْحَيْضِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَأَقَلُّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ خَمْسَةٌ، وَثَلَاثُونَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ كَأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَيُبْدَأُ بِالْحَيْضِ عَشَرَةً ثُمَّ بِالطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ بِالْحَيْضِ عَشَرَةً فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَثَلَاثُونَ يَوْمًا فَاخْتَلَفَ حُكْمُ رِوَايَتِهِمَا فِي الْأَمَةِ وَاتَّفَقَ فِي الْحُرَّةِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فَأَقَلُّ مَا تُصَدَّقُ فِيهِ إحْدَى، وَعِشْرُونَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُمَا يُقَدِّرَانِ الطَّلَاقَ فِي آخِرِ الطُّهْرِ، وَيَبْتَدِئَانِ بِالْحَيْضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بِالطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ بِالْحَيْضِ ثَلَاثَةً فَذَلِكَ أَحَدٌ، وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ إذَا كَانَتْ نُفَسَاءَ بِأَنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ، وَطَلَّقَهَا عَقِيبَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ: لَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ، وَثَمَانِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ النِّفَاسُ خَمْسَةً، وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَثْبُتَ بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا ثُمَّ يُحْكَمَ بِالدَّمِ فَيَبْطُلَ الطُّهْرُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الدَّمَيْنِ فِي الْأَرْبَعِينَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طُهْرٌ، وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى لَوْ رَأَتْ فِي أَوَّلِ النِّفَاسِ سَاعَةً دَمًا، وَفِي آخِرِهَا سَاعَةً كَانَ الْكُلُّ نِفَاسًا عِنْدَهُ فَجَعَلَ النِّفَاسَ خَمْسَةً، وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَتَّى يَثْبُتَ بَعْدَهُ طُهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَقَعَ الدَّمُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَةً حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَخَمْسَةً حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَخَمْسَةً حَيْضًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَثَمَانُونَ.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ، فَلَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ عَشَرَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَعَشَرَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَعَشَرَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ مِائَةٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ، وَسِتِّينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا نِفَاسًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ ثُمَّ يَثْبُتُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَسِتُّونَ يَوْمًا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَخَمْسِينَ، وَسَاعَةٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النِّفَاسِ مَا وُجِدَ مِنْ الدَّمِ فَيُحْكَمُ بِنِفَاسِ سَاعَةٍ، وَبَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ، وَسَاعَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ، وَسِتِّينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَخَمْسَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَسِتُّونَ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ، وَسَبْعِينَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ عَشَرَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَعَشَرَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَسَبْعُونَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ، وَأَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا نِفَاسًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةٌ حَيْضًا فَذَلِكَ سَبْعَةٌ، وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ، وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَسَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ سَاعَةً نِفَاسًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةً حَيْضًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، وَثَلَاثَةً حَيْضًا فَذَلِكَ سِتَّةٌ، وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَسَاعَةٌ.
وَأَمَّا الْفِعْلُ فَنَحْوُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَمَا مَضَتْ مُدَّةٌ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ حَتَّى لَوْ قَالَتْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي لَمْ تُصَدَّقْ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ