مِنْهُمَا فَيَكُونُ لَهُمَا مَهْرٌ وَمُتْعَةٌ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَنِصْفُ مُتْعَةٍ وَإِنْ كَانَ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا مَهْرًا وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى فَلِلْمُسَمَّى لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَلِلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَهَا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَلَهَا جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَلَهَا النِّصْفُ فَيَتَنَصَّفُ كُلُّ ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى.
وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا إنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَلَهَا جَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَلَيْسَ لَهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ شَيْءٌ فَاسْتَحَقَّتْ فِي حَالٍ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْهُ فِي حَالٍ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهَا نِصْفُ الْمُتْعَةِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَيْسَ لَهَا إلَّا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ.
(وَجْهُ) الْقِيَاسِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَلَهَا كَمَالُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَلَهَا كَمَالُ الْمُتْعَةِ فَكَانَ لَهَا كَمَالُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي حَالٍ وَكَمَالُ الْمُتْعَةِ فِي حَالٍ فَيَتَنَصَّفُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَنِصْفُ مُتْعَتِهَا.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا وَجَبَ لَهَا امْتَنَعَ وُجُوبُ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ لَا يَجْتَمِعَانِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُسَمَّى لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ مَعْلُومَةً فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً فَلَهَا مَهْرٌ وَرُبْعُ مَهْرٍ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا سَوَاءً وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُسَمَّى لَهَا الْمَهْرُ فَيَكُونُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ الْمُسَمَّى لَهَا الْمَهْرُ فَيَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي حَالٍ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَفِي حَالٍ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ فَيَتَنَصَّفُ كُلُّ ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهُمَا مَهْرٌ وَرُبْعُ مَهْرٍ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرٍ وَثُمُنُ مَهْرٍ نِصْفُ مَهْرِ الْمُسَمَّى وَثُمُنُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ نِصْفُ الْمُتْعَةِ أَيْضًا وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ.
وَجْهُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.
وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ فِي إحْدَاهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَقْتَ الْإِرْسَالِ حَيْثُ شَاعَ فِيهِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ إذْ الْوَاقِعُ يَشِيعُ وَاَللَّهُ ﷿ الْمُوَفِّقُ.
وَأَمَّا حُكْمُ الْمِيرَاثِ فَهُوَ أَنَّهُمَا يَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مَنْكُوحَةٌ بِيَقِينٍ وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَيَكُونُ قَدْرُ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ امْرَأَةٌ أُخْرَى سِوَاهُمَا لَمْ يُدْخِلْهَا فِي الطَّلَاقِ فَلَهَا نِصْفُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ وَلَهُمَا النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَاحِمُهَا إلَّا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَالْأُخْرَى مُطَلَّقَةٌ فَكَانَ لَهَا النِّصْفُ ثُمَّ النِّصْفُ الثَّانِي يَكُونُ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ نِصْفَيْنِ إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى.
وَأَمَّا حُكْمُ الْعِدَّةِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مَنْكُوحَةٌ وَالْأُخْرَى مُطَلَّقَةٌ وَعَلَى الْمَنْكُوحَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ لَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ لَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَدَارَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِدَّتَيْنِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَعَدَمِ الْوُجُوبِ.
وَالْعِدَّةُ يُحْتَاطُ فِي إيجَابِهَا وَمِنْ الِاحْتِيَاطِ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ طَلَاقَهَا لَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ بِالْإِجْمَاعِ بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ أَجْنَبِيَّةٍ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ حَتَّى لَا تَطْلُقَ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُسْتَعْمَلُ لِلْإِنْشَاءِ وَيُسْتَعْمَلُ لِلْإِخْبَارِ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِخْبَارِ لَصَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ أَنَّ إحْدَاهُمَا طَالِقٌ وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرَ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْأَجْنَبِيَّةُ لَا تَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ لِعَدَمِ النِّكَاحِ وَلَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ أَوْلَى.
هَذَا إذَا كَانَ الْمُزَاحِمُ فِي الِاسْمِ مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَحْوُ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ حَجَرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِضَافَةُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ تَصِحُّ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَصِحُّ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَنْكُوحَةِ وَغَيْرِ الْمَنْكُوحَةِ يُوجِبُ شَكًّا فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبَيْنَ أَجْنَبِيَّةٍ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ مَعَ الشَّكِّ.
وَلَهُمَا أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَنْ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ فِي الِاسْمِ وَأَضَافَ الطَّلَاقَ إلَيْهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَنْ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ لَا مَنْ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الطَّلَاقِ إلَى مَنْ لَا يَحْتَمِلُهُ سَفَهٌ؛ فَانْصَرَفَ مُطْلَقُ الْإِضَافَةِ إلَى زَوْجَتِهِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ مُحْتَمِلَةٌ لِلطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلطَّلَاقِ فِي الْحَالِ إخْبَارًا إنْ كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُهُ إنْشَاءً، وَفِي الصَّرْفِ إلَى الْإِخْبَارِ صِيَانَةُ كَلَامِهِ عَنْ اللَّغْوِ فَصُرِفَ إلَيْهِ.
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَبَيْنَ رَجُلٍ فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ لَمْ يَصِحَّ