وعلى هذا قوله تعالى:{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ} أَى [هم] متلذِّذون، لما روى فى الأَحاديث الصّحيحة من بيان أَرواح الشهداءِ.
الخامس: الحياة الأُخروية الأَبديّة. وذلك يتوصّل إِليه بالحياة الَّتى هى العقل والعلم. وقوله تعالى:{ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} يُعْنى به الحياة الأُخرويّة الدّائمة.
السّادس: الحياة الَّتى يوصف بها البارئ تعالى، فإِنَّه إِذا قيل فيه تعالى: هو حىّ فمعناه: لا يصح عليه الموت، وليس ذلك إِلاَّ لله تعالى.
والحياة باعتبار الدّنيا والأُخرى ضربان: الحياة الدّنيا والحياة الآخرة.
قال تعالى:{وَمَا الحياة الدنيا فِي الآخرة إِلاَّ مَتَاعٌ} أَى الأَعراض الدنيوية.
وقوله تعالى:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ} أَى حياة الدنيا.
وقوله تعالى:{رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى} كان يطلب أَن يُريه الحياة الأُخرويّة المعرّاةَ عن شوائب الآفات الدّنيوية.
وقوله تعالى:{وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ} أَى يرتدع بالقصاص مَن يريد الإِقدام على القتل، فيكونُ فى ذلك حياة النَّاس. وقوله تعالى:{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} أَى من نَجَّاها من الهلاك. وعلى هذا قوله:{أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} أَى أَعفو فيكون إِحياءً.